و ﴿ أُمَّ الْقُرَى ﴾ مكة وفي تسميتها بذلك أربعة أقاويل :-
أحدها : لأنها مجتمع القرى، كما يجتمع الأولاد إلى الأم.
والثاني : لأن أول بيت وضع بها، فكأن القرى نشأت عنها، قاله السدي.
والثالث : لأنها معظمة كتعظيم الأم، قاله الزجاج.
والرابع : لأن الناس يؤمونها من كل جانب، أي يقصدونها.
ثم قال :﴿ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ قال ابن عباس : هم أهل الأرض كلها.
﴿ وَالَّذِينَ يَؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ وفيما ترجع إليه هذه الكناية قولان :
أحدهما : إلى الكتاب، وتقديره : والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بهذا الكتاب، قاله الكلبي.
والثاني : إلى محمد ﷺ، وتقديره : والذين يؤمنون بالآخرة، يؤمنون بمحمد ﷺ لِمَا قد أظهر الله تعالى من معجزته وأَبَانَه الله من صدقه، قاله الفراء.
فإن قيل : فيمن يؤمن بالآخرة من أهل الكتاب لا يؤمنون به؟
قيل : لا اعتبار لإِيمانهم بها لتقصيرهم في حقها، فصاروا بمثابة من لم يؤمن بها. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
ومن فوائد الخازن فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله تعالى :﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ﴾ يعني : وهذا القرآن كتاب أنزلناه من عندنا عليك يا محمد كثير الخير والبركة دائم النفع يبشر المؤمنين بالثواب والمغفرة ويزجر عن القبيح والمعصية.
وأصل البركة : النماء والزيادة وثبوت الخير ﴿ مصدق الذي بين يديه ﴾ يعني من الكتب الإلهية المنزلة من السماء على الأنبياء عين أنه موافق لما في التوراة والإنجيل وسائر الكتب، لأنها اشتملت جميعها على التوحيد والتنزيه لله من كل عيب ونقيصه وتدل على البشارة والنذارة فثبت بذلك كون القرآن مصدقاً لجميع الكتب المنزلة ﴿ ولتنذر ﴾ قرئ بالتاء يعني ولتنذر يا محمد وبالياء ومعناه ولينذر الكتاب ﴿ أم القرى ﴾ يعني مكة وفيه حذف تقديره ولتنذر أهل القرى وسميت مكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها.


الصفحة التالية
Icon