وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله فَالِقُ الحب والنوى ﴾
عدّ من عجائب صنعه ما يعجز عن أدنى شيء منه آلهتهم.
والفَلْق : الشق ؛ أي يَشق النواة الميتةَ فيُخرج منها ورقاً أخضر، وكذلك الحبة.
ويُخرج من الورق الأخضر نواة ميتة وحبّة ؛ وهذا معنى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ؛ عن الحسن وقتادة.
وقال ابن عباس والضحاك : معنى فالق خالق.
وقال مجاهد : عُني بالفلق الشقّ الذي في الحبّ وفي النّوَى.
والنَّوَى جمع نواة، ويجري في كل ما له عَجْمٌ كالمشمش والخوخ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ إن الله فالق الحب والنوى ﴾
الظاهر أن المعنى أنه تعالى ﴿ فالق الحب ﴾ شاقه فمخرج منه ﴿ النبات والنوى ﴾ فمخرج منه الشجر، والحب والنوى عامّان أي كل حبة وكل نواة وبه قال قتادة والضحاك والسدي وغيرهم قالوا : هذه إشارة إلى فعل الله في أن يشق جميع الحب عن جميع النبات الذي يكون منه ويشق النوى عن جميع الأشجار الكائنة عنه ؛ وقال ابن عباس والضحاك أيضاً ﴿ فالق ﴾ بمعنى خالق ؛ قيل ولا يعرف ذلك في اللغة، وقال تاج القراء : فطر وخلق وفلق بمعنى واحد، وقال مجاهد وأبو مالك : إشارة في الشق الذي في حبة البرّ ونواة التمر، وقال اسماعيل الضرير : المعنى فالق ما فيه الحب من السنبل وما فيه النوى من التمر وأما أشبهه، وقال الماتريدي وخصّهما بالذكر لأن جميع ما في الدنيا من الإبدال منهما فأضاف ذلك إلى نفسه كما أضاف خلق جميع البشر إلى نفس واحدة لأنهم منها في قوله ﴿ خلقكم من نفس واحدة ﴾ فكأنه قال : خالق الإبدال كلها انتهى، ولما كان قد تقدم ذكر البعث نبه على قدرته تعالى الباهرة في شق النواة مع صلابتها وإخراجه منها نبتاً أخضر ليناً إلى ما بعد ذلك مما فيه إشارة إلى القدرة التامة والبعث والنشر بعد الموت، وقرأ عبد الله ﴿ فالق الحب ﴾ جعله فعلاً ماضياً. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾