والفلاسفة يحملون هذا الملك على الطبيعة الحالة في تلك الجسمية الموجبة لذلك النزول، وقيل : هو نور مجرد عن المادة قائم بنفسه مدبر للقطر حافظ إياه، ويثبت أفلاطون هذا النور المجرد لكل نوع من الأفلاك والكواكب والبسائط العنصرية ومركباتها على ما ذهب إليه صاحب "الإشراق" وهو أحد الأقوال في "المثل الأفلاطونية"، ويشير إلى نحو ذلك كلام الشيخ صدر الدين القونوي في "تفسير الفاتحة"، ونصب ﴿ مَاء ﴾ على المفعولية لأنزل، وتقديم المفعول غير الصريح عليه لما مر مراراً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
نقل الواحدي في "البسيط" عن ابن عباس : يريد بالماء ههنا المطر ولا ينزل نقطة من المطر إلا ومعها ملك، والفلاسفة يحملون ذلك الملك على الطبيعة الحالة في تلك الجسمية الموجبة لذلك النزول، فأما أن يكون معه ملك من ملائكة السموات، فالقول به مشكل والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٨٧﴾
قوله تعالى ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء﴾ فيه أبحاث :
البحث الأول : ظاهر قوله :﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء﴾ يدل على أنه تعالى إنما أخرج النبات بواسطة الماء، وذلك يوجب القول بالطبع والمتكلمون ينكرونه، وقد بالغنا في تحقيق هذه المسألة في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى :﴿وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ﴾ [ البقرة : ٢٢ ] فلا فائدة في الإعادة.
البحث الثاني : قال الفراء : قوله :﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء﴾ ظاهره يقتضي أن يكون لكل شيء نبات.
وليس الأمر كذلك، فكان المراد فأخرجنا به نبات كل شيء له نبات، فإذا كان كذلك، فالذي لا نبات له لا يكون داخلاً فيه.
البحث الثالث : قوله :﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾ بعد قوله :﴿أَنَزلَ﴾ يسمى التفاتاً.
ويعد ذلك من الفصاحة.