وجعله في "الكشاف" عطفاً على ﴿ فالق الحبّ ﴾ بناء على أنّ مضمون قوله :﴿ مُخرج الميّت من الحيّ ﴾ ليس فيه بيان لمضمون ﴿ فالق الحبّ ﴾ لأنّ فلق الحبّ ينشأ عنه إخراج الحيّ من الميّت لا العكس، وهو خلاف الظّاهر لأنّ علاقة وصف ﴿ مخرج الميّت من الحيّ ﴾ بخبر ﴿ يخرج الحيّ من الميّت ﴾ أقوى من علاقته بخبر ﴿ فالق الحبّ والنّوى ﴾.
وقد جيء بجملة :﴿ يخرج الحيّ من الميّت ﴾ فعليّة للدّلالة على أنّ هذا الفعل يتجدّد ويتكرّر في كلّ آن، فهو مُراد معلوم وليس على سبيل المصادفة والاتّفاق.
وجيء في قوله :﴿ ومُخرج الميّت من الحيّ ﴾ اسماً للدّلالة على الدّوام والثّبات، فحصل بمجموع ذلك أنّ كلا الفعلين متجدّد وثابِت، أي كثير وذاتيّ، وذلك لأنّ أحد الإخراجين ليس أوْلى بالحكم من قرينه فكان في الأسلوب شِبه الاحتباك. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿ذلكم الله فأنى تُؤْفَكُونَ﴾
فصل
قال الفخر :
قال بعضهم معناه : ذلكم الله المدبر الخالق النافع الضار المحيي المميت ﴿فأنى تُؤْفَكُونَ﴾ في إثبات القول بعبادة الأصنام، والثاني : أن المراد أنكم لما شاهدتم أنه تعالى يخرج الحي من الميت، ومخرج الميت من الحي، ثم شاهدتم أنه أخرج البدن الحي من النطفة الميتة مرة واحدة، فكيف تستبعدون أن يخرج البدن الحي من ميت التراب الرميم مرة أخرى ؟ والمقصود الإنكار على تكذيبهم بالحشر والنشر، وأيضاً الضدان متساويان في النسبة فكما لا يمتنع الانقلاب من أحد الضدين إلى الآخر، وجب أن لا يمتنع الانقلاب من الثاني إلى الأول، فكما لا يمتنع حصول الموت بعد الحياة.
وجب أيضاً أن لا يمتنع حصول الحياة بعد الموت، وعلى كلا التقديرين فيخرج منه جواز القول بالبعث والحشر والنشر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٧٧﴾
وقال القرطبى :
﴿ ذلكم الله ﴾ ابتداء وخبر.
﴿ فأنى تُؤْفَكُونَ ﴾ فمن أين تصرفون عن الحق مع ما تَرون من قدرة الله جل وعز. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ذلكم الله فأنى تؤفكون ﴾ أي ذلكم المتصف بالقدرة الباهرة فأنى تصرفون عن عبادته وتوحيده والإيمان بالبعث إلى عبادة غيره واتخاذ شريك معه وإنكار البعث. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾