وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَالِقُ الإصباح ﴾ نعتٌ لاسم الله تعالى، أي ذلكم الله ربكم فالق الإصباح.
وقيل : المعنى إن الله فالق الإصباح.
والصُّبح والصباح أوَّلُ النهار، وكذلك الإصباح ؛ أي فالق الصبح كلّ يوم، يريد الفجر.
والإصباح مصدر أصبح.
والمعنى : شاقّ الضياء عن الظلام وكاشفُه.
وقال الضحاك : فالق الإصباح خالقُ النهار.
وهو معرفة لا يجوز فيه التنوين عند أحد من النحويين.
وقرأ الحسن وعيسى بن عمر "فالق الأَصْبَاحِ" بفتح الهمزة، وهو جمع صبح.
وروى الأعمش عن إبراهيم النَّخَعِيّ أنه قرأ "فلق الإصباحَ" على فَعَل، والهمزة مكسورة والحاء منصوبة.
وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وحمزة والكسائيّ "وجعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً" بغير ألف.
ونصب "الليل" حملاً على معنى "فالق" في الموضعين ؛ لأنه بمعنى فلق، لأنه أمْرٌ قد كان فحُمِل على المعنى.
وأيضاً فإن بعده أفعالاً ماضية وهو قوله :"جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ".
"أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً".
فحمِل أوّل الكلام على آخره.
يقوّي ذلك إجماعُهم على نصب الشمس والقمر على إضمار فِعل، ولم يحملوه على فاعل فيخفِضوه ؛ قاله مكيّ رحمه الله.
وقال النحاس : وقد قرأ يزيد بن قطيب السَّكُّوني "وجاعِلُ الليلِ سكناً والشمسِ والقمرِ حُسباناً" بالخفض عطفاً على اللفظ.
قلت : فيريد مكيّ والمَهْدَويّ وغيرهما إجماع القراء السبع.
والله أعلم.
وقرأ يعقوب في رواية رُوَيْس عنه "وجاعِلُ الليلِ ساكِناً".
وأهل المدينة "وجاعِلُ اللَّيْلِ سَكَنا" أي محلاً للسكون.