الأول : أن يكون المراد فالق ظلمة الصبح وذلك لأن الصبح صبحان : فالصبح الأول هو البياض المستطيل الصاعد في الألفق كذنب السرحان وهو الذئب ثم تعقبه ظلمة بعد ذلك ويسمى هذا الصبح الفجر الكاذب لأنه يبدو في الأفق الشرقي ثم يضمحل ويذهب ثم يطلع بعده الصبح الثاني، وهو الضوء المستطير في جميع الأفق الشرقي ويسمى الفجر الصادق لأنه ليس بعده ظلمة والحاصل من هذا أن يكون المعنى : فالق ظلمة الصبح الأول بنور الصبح الثاني.
الوجه الثاني : أنه تعالى كما شق ظلمة الليل بنور الصباح فكذلك يشق نور الصبح بضياء النهار فيكون معنى قوله :﴿ فالق الإصباح ﴾ أي فالق الصباح بنورالنهار.
الوجه الثالث : أن يراد فالق ظلمة الإصباح وهي الغبش في آخر الليل الذي يلي الصبح.
الوجه الرابع : أن يكون المعنى فالق الإصباح الذي هو عمود الفجر إذا انصدع الفجر وانفلق وسمي الفجر فلقاً بمعنى مفلوق.
الوجه الخامس : الفلق بمعنى الخلق يعني خالق الإصباح.
وعلى هذا القول يزول الإشكال.
والصبح هو الضوء الذي يبدو أول النهار.
والمعنى أنه تعالى مبدي ضوء الصبح وخالقه ومنوره.
وقوله تعالى :﴿ وجعل الليل سكناً ﴾ السكن ما سكنت إليه واسترحت به.
يريد أن الناس يسكنون في الليل سكون راحة لأن الله جعل الليل لهم كذلك.
قال ابن عباس : إن كل ذي روح يسكن فيه لأن الإنسان قد أتعب نفسه في النهار فاحتاج إلى زمان يستريح فيه ويسكن عن الحركة وذلك هو الليل. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾