فائدة
قال فى روح البيان :
﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ﴾
أي : وهو مع تلك الصفات متولي أموركم فكلوها إليه وتوسلوا بعبادته إلى إنجاح مآربكم الدنيوية والأخروية ورقيب على أعمالكم فيجازيكم.
قال الإمام الغزالي قدس سره : والوكيل ينقسم إلى من يفي بما وكل إليه وفاء تاماً من غير قصور وإلى من لا يفي بالجميع والوكيل المطلق هو الذي يفي بالأمور الموكولة إليه وهو ملى بالقيام بها وفي بإتمامها وذلك هو الله تعالى فقط وقد فهمت من هذا مقدار مدخل العبد في معنى هذا الاسم انتهى كلامه.
وعن الشيخ أبي حمزة الخراساني رحمه الله قال : حججت سنة من السنين فبينما أنا أمشي إذ وقعت في بئر فنازعتني نفسي أن أستغيث فقلت : لا والله لا أستغيث فما استتم هذا الخاطر حتى مرّ برأس البئر رجلان فقال أحدهما للآخر : تعالَ حتى نسد رأس هذا البئر لئلا يقع فيه أحد فأتيا بقصب وبارية وطمسا رأس البئر فهممت أن أصيح، ثم قلت في نفسي ألجأ إلى من هو أقرب منهما وسكت وفوضت أمري إلى الله تعالى فبينما أنا بعد ساعة إذا بشيء جاء وكشف عن رأس البئر وأدلى رجله وكأنه يقول تعلق بي في همهمة منه كنت أعرف منها ذلك فتعلقت به فأخرجني فإذا هو سبع فمر وهتف بي هاتف يا أبا حمزة أليس هذا أحسن نجيناك من التلف بالتلف فالله تعالى قادر على ذلك وهو على كل شيء وكيل. (١)
والإشارة في الآيات أن الله تعالى كما أخرج بماء اللطف والهداية من أرض القلوب لأربابها أنواع الكمالات أخرج بماء القهر والخذلان من أرض النفوس لأصحابها أنواع الضلالات حتى أشركوا بالله تعالى وقالوا ما قالوا من أسوأ المقال مع أنه تعالى متفرد بالذات والصفات والأفعال.
فعلى العاقل أن يستعيذ بالله من مكره وقهره ويستجلب بطاعته مزيد رضائه ورحمته ويقطع النظر عن الغير في كل شر وخير فإن الكل من الله تعالى وإن كان لا يرضى لعباده الكفر. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٣ صـ ٩٩ ـ ١٠٠﴾
________
(١) لا يخلو بعض كلامه من نظر. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon