ومن فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ ذلكم ﴾ إشارة إلى المنعوت بما ذكر من جلائل النعوت، وما فيه من معنى البعد لما مر مراراً.
والخطاب للمشركين المعهودين بطريق الالتفات.
وذهب الطبرسي أنه لجميع الناس، وهو مبتدأ وقوله سبحانه :﴿ الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ خالق كُلّ شَىْء ﴾ أخبار أربعة مترادفة أي ذلك الموصوف بتلك الصفات العظيمة الشأن هو الله المستحق للعبادة خاصة مالك أمركم لا شريك له أصلاً خالق كل شيء مما كان وسيكون، والمعتبر في عنوان الموضوع حسبما اقتضته الإشارة إنما هو خالقيته سبحانه لما كان فقط كما ينبىء عنه صيغة الماضي، وجوز أن يكون الاسم الجليل بدلاً من اسم الإشارة و﴿ رَبُّكُمْ ﴾ صفته وما بعده خبر، وأن يكون الاسم الجليل هو الخبر وما بعده إبدال منه، وأن يكون بدلاً والبواقي أخبار، وأن يقدر لكل خبر من الأخبار الثلاثة مبتدأ، وأن يجعل الكل بمنزلة اسم واحد، وأن يكون ﴿ خالق كُلّ شَىْء ﴾ بدلاً من الضمير، وجوز غير ذلك.
وقوله تعالى :﴿ فاعبدوه ﴾ مسبب عن مضمون الجملة فإن من جمع هذه الصفات كان هو المستحق للعبادة خاصة، وادعى بعضهم أن العبادة المأمور بها هي نهاية الخضوع وهي لا تتأتى مع التشريك فلذا استغنى عن أن يقال : فلا تعبدوا إلا إياه، ويفهم منه أن مجرد مفهوم العبادة يفيد الاختصاص، ولا يأباه دعوى إفادة تقديم المفعول في ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ [ الفاتحة : ٥ ] إياه لأن إفادة الحصر بوجهين لا مانع منها كما في ﴿ فَلِلَّهِ الحمد ﴾ [ الجاثية : ٣٦ ] ونحوه، وإنما قال سبحانه هنا :﴿ ذَلِكُمُ الله لا إله إِلاَّ هُوَ خالق كُلّ شَىْء فاعبدوه ﴾ وفي سورة المؤمن ( ٢٦ ) ﴿ ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ خالق كُلّ شَىْء لاَّ إله إِلاَّ هُوَ فأنى تُؤْفَكُونَ ﴾ فقدم سبحانه هنا ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ على ﴿ خالق كُلّ شَىْء ﴾ وعكس هناك.


الصفحة التالية
Icon