ووجه أمرهم بعبادته أنّ المشركين كانوا معرضين عن عبادة الله تعالى بحيث لا يتوجّهون بأعمال البرّ في اعتقادهم إلاّ إلى الأصنام فهم يزورونها ويقرّبون إليها القرابين وينذرون لها النّذور ويستعينون بها ويستنجدون بنصرتها، وما كانوا يذكرون الله إلاّ في موسم الحجّ، على أنّهم قد خلطوه بالتّقرّب إلى الأصنام إذ جعلوا فوق الكعبة ( هُبَل )، وجعلوا فوق الصّفا والمروة ( أسافاً ونائلة ).
وكان كثير منهم يُهلّ ( لمناة ) في منتهى الحجّ، فكانوا معرضين عن عبادة الله تعالى، فلذلك أمروا بها صريحاً، وأمروا بالاقتصار عليها بطريق الإيماء بالتّفريع.
وجملة :﴿ وهو على كلّ شيء وكيل ﴾ يجوز أن تكون معطوفة على الصّفات المتقدّمة فتكون جملة ﴿ فاعبدوه ﴾ معترضة، ويجوز أن تكون معطوفة على جملة ﴿ فاعبدوه ﴾ بناء على جواز عطف الخبر على الإنشاء والعكس ( وهو الحقّ )، على وجه تكميل التّعليل للأمر بعبادته دون غيره، بأنّه متكفّل بالأشياء كلّها من الخلق والرّزق والإنعام وكلّ ما يطلب المَرْءُ حفظه له، فالوجه عبادته ولا وجه لِعبادة غيره، فإنّ اسم الوكيل جامع لمعنى الحفظ والرّقابة، كما تقدّم عند قوله تعالى :﴿ وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾ في سورة [ آل عمران : ١٧٣ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾