ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ﴾
انظر التقديم بكلمة رب، قبل " لا إله إلا هو " كلمة " رب " هذه هي حيثية " لا إله إلا هو " ؛ لأن إلهاً تعني معبودا، ومعبودا يعني مُطاعا، ومطاعا يعني له أوامر ونواهٍ، ولماذا ولأي سبب؟. السبب أنه الرب المتولي الإيجاد والتربية. ومن الواجب والمعقول أن نسمع كلامه ؛ لأنه هو الرّب والخالق وهو الذي يرزق، بدليل أننا حين نسأل أهل الكُفْر في غفلة شهواتهم : من خلق السموات والأرض؟ تنطق فطرتهم ويقولون : الله هو الذي خلق السموات والأرض. أما إن كان السؤال موجها في محاجاة مسبقة فأنت تجد المكر والكذب.
وحين تريد أن تنزع منهم قضية صدق وتضع وتبطل قضية كذب فلنأخذهم على غفلة ودون تحضير فيقولون إن الذي خلق هو الله.
ورأينا الآلات التي صمموها ليكتشفوا الكذب، وليروا العملية العقلية التي تجهد الكذاب، أما صاحب الحق فلا يُجْهد ؛ لأن صاحب الحق يستقرئ واقعا ينطق به ولا يصيبه الجهد، لكن الذي يكذب يجهد نفسه ويتردد بين أمور ويضطرب ولا يدري بأيها يأخذ ويجيب بإجابات متناقضة في الشيء الواحد.
﴿ ذلكم الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فاعبدوه وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [ الأنعام : ١٠٢ ].
وما دام هو خالق لكل شيء وهو الباقي فهو الأحق بالعبادة ؛ لأن العبادة - كما قلنا - معناها طاعة الأمر وطاعة النهي - ومادام سبحانه الذي خلق فهو الذي يضع قانون الصيانة للإنسان والكون، وإن خالفت المنهج يفسد الكون والإنسان، وإذا فسد الكون أو الإنسان فأنت تلجأ إلى منهج الخالق لتعيد لكل منهما صلاحيته ؛ لذلك هو الأولى بالعبادة. ﴿ ذلكم الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon