وقال القرطبى :
﴿ وَخَلَقَهُمْ ﴾ كذا قراءة الجماعة، أي خلق الجاعلين له شركاء.
وقيل : خلق الجن الشركاء.
وقرأ ابن مسعود "وهو خلقهم" بزيادة هو.
وقرأ يحيى بن يَعْمَر "وخلْقهم" بسكون اللام، وقال : أي وجعلوا خلقهم لله شركاء ؛ لأنهم كانوا يخلقون الشيء ثم يعبدونه.
والآية نزلت في مشركي العرب.
ومعنى إشراكهم بالجن أنهم أطاعوهم كطاعة الله عز وجل ؛ رُوي ذلك عن الحسن وغيره.
قال قَتادة والسُّدّيّ : هم الذين قالوا الملائكةُ بنات الله.
وقال الكلبيّ : نزلت في الزنادقة، قالوا : إن الله وإبليس أخوان ؛ فالله خالق الناس والدواب، وإبليس خالق الجان والسباع والعقارب.
ويقرب من هذا قول المجوس، فإنهم قالوا : للعالَم صانعان : إله قديم، والثاني شيطان حادث من فكرة الإله القديم ؛ وزعموا أن صانع الشر حادث.
وكذا الحائطية من المعتزلة من أصحاب أحمد بن حائط، زعموا أن للعالَم صانعين : الإله القديم، والآخر محدث، خلقه الله عز وجل أوّلاً ثم فوّض إليه تدبير العالم ؛ وهو الذي يحاسب الخلق في الآخرة.
تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون عُلُوًّا كبيراً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
والضمير في ﴿ وخلقهم ﴾ عائد على الجاعلين إذ هم المحدث عنهم وهي جملة حالية أي وقد خلقهم وانفرد بإيجادهم دون من اتخذه شريكاً له وهم الجن فجعلوا من لم يخلقهم شريكاً لخالقهم وهذه غاية الجهالة، وقيل الضمير يعود على الجن أي والله خلق من اتخذوه شريكاً له فهم متساوون في أن الجاعل والمجعول مخلوقون لله فكيف يناسب أن يجعل بعض المخلوق شريكاً لله تعالى؟