وقال البيضاوى :
﴿ بَدِيعُ السموات والأرض ﴾ من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، أو إلى الظرف كقولهم : ثبت الغدر بمعنى أنه عديم النظير فيهما، وقيل معناه المبدع وقد سبق الكلام فيه، ورفعه على الخبر والمبتدأ محذوف أو على الابتداء وخبره. ﴿ أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ ﴾ أي من أين أو كيف يكون له ولد. ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبة ﴾ يكون منها الولد. وقرىء بالياء للفصل أو لأن الاسم ضمير الله أو ضمير الشأن. ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ ﴾ لا تخفى عليه خافية، وإنما لم يقل به لتطرق التخصيص إلى الأول، وفي الآية استدلال على نفي الولد من وجوه :( الأول ) أنه من مبدعاته السموات والأرضون، وهي مع أنها من جنس ما يوصف بالولادة مبرأة عنها لاستمرارها وطول مدتها فهو أولى بأن يتعالى عنها، أو أن ولد الشيء نظيره ولا نظير له فلا ولد. ( والثاني ) أن المعقول من الولد ما يتولد من ذكر وأنثى متجانسين والله سبحانه وتعالى منزه عن المجانسة. ( والثالث ) أن الولد كفؤ الوالد ولا كفؤ له لوجهين : الأول أن كل ما عداه مخلوقه فلا يكافئه. والثاني أنه سبحانه وتعالى لذاته عالم بكل المعلومات ولا كذلك غيره بالإِجماع. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ٤٣٦ ـ ٤٣٧﴾
وقال أبو حيان :
﴿ بديع السموات والأرض ﴾ تقدّم تفسيره في البقرة.
﴿ أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ﴾ أي كيف يكون له ولد؟ وهذه حاله أي إن الولد إنما يكون من الزوجة وهو لا زوجة له ولا ولد، وقرأ النخعي : ولم يكن بالياء ووجه على أن فيه ضميراً يعود على الله أو على أن فيه ضمير الشأن، والجملة في هذين الوجهين في موضع خبر ﴿ تكن ﴾ أو على ارتفاع ﴿ صاحبة ﴾ بتكن وذكر للفصل بين الفعل والفاعل كقوله :
لقد ولد الأخيطل أم سوء...
وحضر للقاضي امرأة.
وقال ابن عطية : وتذكيرها وأخواتها مع تأنيث اسمها أسهل من ذلك في سائر الأفعال.