انتهى، ولا أعرف هذا عن النحويين، ولم يفرقوا بين كان وغيرها والظاهر ارتفاع بديع على أنه خبر مبتدأ أي هو بديع فيكون الكلام جملة واستقلال الجملة بعدها، وجوزوا أن يكون بديع مبتدأ والجملة بعده خبره فيكون انتفاء الولدية من حيث المعنى بجهتين : إحداهما : انتفاء الصاحبةا والأخرى : كونه بديعاً أي عديم المثل ومبدعاً لما خلق ومن كان بهذه الصفة لا يمكن أن يكون له ولد لأن تقدير الولدية وتقدير الإبداع ينافي الولدية، وهذه الآية رد على الكفار بقياس الغائب على الشاهد، وقرأ المنصور : بديع بالجر رداً على قوله :﴿ جعلوا لله ﴾ أو على ﴿ سبحانه ﴾.
وقرأ صالح الشامي :﴿ بديع ﴾ بالنصب على المدح.
﴿ وخلق كل شيء ﴾ قيل : هذا عموم معناه الخصوص أي وخلق العالم فلا تدخل فيه صفاته ولا ذاته كقوله :﴿ ورحمتي وسعت كل شيء ﴾ ولا تسع إبليس ولا من مات كافراً وتدمر كل شيء ولم تدمر السموات والأرض، قال ابن عطية : ليس هو عموماً مخصصاً على ما ذهب إليه قوم لأن العموم المخصص هو أن يتناول العموم شيئاً ثم يخرجه بالتخصيص، وهذا لم يتناول قط هذا الذي ذكرناه وإنما هو بمنزلة قول الإنسان : قتلت كل فارس وأفحمت كل خصم فلم يدخل القاتل قط في هذا العموم الظاهر من لفظه، قال الزمخشري : وفيه إبطال الولد من ثلاثة أوجه : أحدها : أن مبتدع السموات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن يوصف بالولادة، لأن الولادة من صفات الأجسام ومخترع الأجسام لا يكون جسماً حتى يكون والداً، والثاني : أن الولادة لا تكون إلا بين زوجين من جنس واحد، وهو تعالى متعال عن مجانس فلم يصح أن تكون له صاحبة فلم تصح الولادة، والثالث : أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به ومن كان بهذه الصفة كان غنياً عن كل شيء والولد إنما يطلبه المحتاج.