وأما أن الزائد على الواحد، فالقول فيه متكافىء، فلأن الزائد على الواحد لم يدل الدليل على ثبوته، فلم يكن إثبات عدد أولى من إثبات عدد آخر، فيلزم إما إثبات آلهة لا نهاية لها، وهو محال، أو إثبات عدد معين مع أنه ليس ذلك العدد أولى من سائر الأعداد، وهو أيضاً محال، وإذا كان القسمان باطلين لم يبق إلا القول بالتوحيد.
الوجه الثاني : في تقرير هذه الطريقة أن الإله القادر على كل الممكنات العالم بكل المعلومات كاف في تدبير العالم، فلو قدرنا إلهاً ثانياً لكان ذلك الثاني إما أن يكون فاعلاً وموجوداً لشيء من حوادث هذا العالم أو لا يكون، والأول باطل، لأنه لما كان كل واحد منهما قادراً على جميع الممكنات فكل فعل يفعله أحدهما صار كونه فاعلاً لذلك الفعل مانعاً للآخر عن تحصيل مقدوره، وذلك يوجب كون كل واحد منهما سبباً لعجز الآخر وهو محال.
وإن كان الثاني لا يفعل فعلاً ولا يوجد شيئاً كان ناقصاً معطلاً، وذلك لا يصلح للإلهية.
والوجه الثالث : في تقرير هذه الطريقة أن نقول : إن هذا الإله الواحد لا بد وأن يكون كاملاً في صفات الإلهية، فلو فرضنا إلهاً ثانياً لكان ذلك الثاني إما أن يكون مشاركاً للأول في جميع صفات الكمال أو لا يكون، فإن كان مشاركاً للأول في جميع صفات الكمال فلا بد وأن يكون متميزاً عن الأول بأمر ما، إذ لو لم يحصل الامتياز بأمر من الأمور لم يحصل التعدد والإثنينية، وإذا حصل الامتياز بأمر ما فذلك الأمر المميز إما أن يكون من صفات الكمال أو لا يكون.


الصفحة التالية
Icon