ومعنى سدّ الذّرائع حسم مادّة وسائل الفساد.
وأجمعت الأمّة على أنّ الذّرائع ثلاثة أقسام : أحدها : معتبر إجماعاً كحفر الآبار في طرق المسلمين وإلقاءِ السمّ في أطعمتهم وسبّ الأصنام عند من يُعلم من حاله أنّه يسبّ الله تعالى حينئذٍ.
وثانيها : مُلغًى إجماعاً كزراعة العنب فإنّها لا تمنع لخشيَة الخمر، وكالشركة في سكنى الدّور خشية الزّنا.
وثالثها مختلف فيه كبيوع الآجال، فاعتبر مالك رضي الله عنه الذّريعة فيها وخالفه غيره أ هـ.
وعَنَى بالمخالف الشّافعي وأبا حنيفة رضي الله عنهما.
وهذه القاعدة تندرج تحت قاعدة الوسائل والمقاصد، فهذه القاعدة شعبة من قاعدة إعطاء الوسيلة حكم المقصد خاصّة بوسائل حصول المفسدة.
ولا يختلف الفقهاء في اعتبار معنى سدّ الذّرائع في القسم الّذي حكى القرافي الإجماع على اعتبار سدّ الذّريعة فيه.
وليس لهذه القاعدة عنوان في أصول الحنفيّة والشّافعيّة، ولا تعرّضوا لها بإثبات ولا نفي، ولم يذكرها الغزالي في "المستصفى" في عداد الأصول الموهومة في خاتمة القطب الثّاني في أدلّة الأحكام.
و﴿ عَدْواً ﴾ بفتح العين وسكون الدّال وتخفيف الواو في قراءة الجمهور، وهو مصدر بمعنى العدوان والظلم، وهو منصوب على المفعوليّة المطلقة ل"يسبّوا" لأنّ العدو هنا صفة للسبّ، فصحّ أن يحلّ محلّه في المفعوليّة المطلقة بياناً لنوعه.
وقرأ يعقوب ﴿ عُدُوّاً ﴾ بضمّ العين والدّال وتشديد الواو وهو مصدر كالعَدْو.
ووصفُ سبِّهم بأنّه عَدْو تعريض بأنّ سبّ المسلمين أصنامَ المشركين ليس من الاعتداء، وجعل ذلك السبّ عدواً سواء كان مراداً به الله أم كان مراداً به من يأمر النّبيء ﷺ بما جاء به لأنّ الّذي أمر النّبيء ﷺ بما جاء به هو في نفس الأمر اللّهُ تعالى فصادفوا الاعتداء على جلاله.


الصفحة التالية
Icon