وقال الآلوسى :
﴿ كذلك ﴾ أي مثل ذلك التزيين القوي ﴿ زَيَّنَّا لِكُلّ أُمَّةٍ ﴾ من الأمم ﴿ عَمَلَهُمْ ﴾ من الخير والشر بإحداث ما يمكنهم منه ويحملهم عليه توفيقاً أو تخذيلاً، وجوز أن يراد بكل أمة أمم الكفرة إذ الكلام فيهم وبعملهم شرهم وفسادهم، والمشبه به تزيين سب الله تعالى شأنه لهم، واستدل بالآية على أنه تعالى هو الذي زين للكافر الكفر كما زين للمؤمن الإيمان.
وأنكر ذلك المعتزلة وزين لهم الشيطان أعمالهم فتأولوا الآية بما لا يخفى ضعفه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ كذلك زيّنّا لكلّ أمّة عمَلهم ﴾ معناه كتزييننا لهؤلاء سُوءِ عملهم زَيَّنَّا لكلّ أمّة عملهم، فالمشار إليه هو ما حكاه الله عنهم بقوله :﴿ وجعلوا لله شركاء الجنّ إلى قوله فيسبّوا الله عدواً بغير علم ﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ١٠٨ ].
فإنّ اجتراءهم على هذه الجرائم وعماهم عن النّظر في سوء عواقبها نشأ عن تزيينها في نفوسهم وحسبانهم أنّها طرائق نفع لهم ونجاة وفوز في الدّنيا بعناية أصنامهم.
فعلى هذه السنّة وبمماثل هذا التّزيين زيّن الله أعمال الأمم الخالية مع الرّسل الّذين بُعثوا فيهم فكانوا يُشاكسونهم ويعصون نصحهم ويجترئون على ربّهم الّذي بعثهم إليهم، فلمّا شبّه بالمشار إليه تزيينا عَلِم السّامع أنّ ما وقعت إليه الإشارة هو من قبيل التّزيين.