وقال ابن عطية :
وقوله ﴿ ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم ﴾ يتضمن وعداً جميلاً للمحسنين ووعيداً ثقيلاً للمسيئين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
وقوله تعالى :﴿ ثم إلى ربهم مرجعهم ﴾ يعني المؤمن والكافر والطائع والعاصي ﴿ فينبئهم بما كانوا يعملون ﴾ يعني في الدنيا ويجازيهم على ذلك. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ﴾
أي أمرهم مفوّض إلى الله وهو عالم بأحوالهم مطلع على ضمائرهم ومنقلبهم يوم القيامة إليه فيجازي كل بمقتضى عمله وفي ذلك وعد جميل للمحسن ووعيد للمسيء. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ ثُمَّ إلى رَبّهِمْ ﴾ مالك أمرِهم ﴿ مَرْجِعُهُمْ ﴾ أي رجوعُهم وهو البعثُ بعد الموت ﴿ فَيُنَبّئُهُمْ ﴾ من غير تأخير ﴿ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ في الدنيا على الاستمرار من السيئات المزيَّنةِ لهم، وهو وعيدٌ بالجزاء والعذاب، كقول الرجل لمن يتوعدُه : سأُخبرُك بما فعلت، وفيه نكتةٌ سِرّية مبنيةٌ على حِكمة أبيّةٍ، وهو أن كلَّ ما يظهر في هذه النشأةِ من الأعيان والأعراضِ فإنما يظهر بصورة مستعارةٍ مخالفةٍ لصورته الحقيقية التي بها يظهر في النشأة الآخرة، فإن المعاصيَ سمومٌ قاتلةٌ قد برزت في الدنيا بصورةٍ ما تستحسنها نفوسُ العصاة، كما نطقت به هذه الآيةُ الكريمة، وكذا الطاعاتُ فإنها مع كونها أحسنَ الأحاسنِ قد ظهرت عندهم بصورة مكروهةٍ، ولذلك قال عليه السلام :" حُفَّت الجنَّةُ بالمكارِهِ وحَفَّتِ النارُ بالشهواتِ " فأعمال الكفرةِ قد برزت لهم في النشأة بصورة مزيَّنةٍ يستحسنها الغُواةُ ويستحبّها الطغاةُ، وستظهر في النشأة الآخرةِ بصورتها الحقيقيةِ المنكرةِ الهائلةِ فعند ذلك يعرِفون أن أعمالهم ماذا فعبر عن إظهارها بصورها الحقيقية بالإخبار بها لما أن كلاًّ منهما سبب للعلم بحقيقتها كما هي.
فلْيُتدبر. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾