نعم لم يعهد تعدية عمي بعلى وهو لازم التقدير السابق في الجملة الثانية وكأنه لذلك عدل عنه بعضهم بعد أن وافق في الأول إلى قوله : فعليها وباله ﴿ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ وإنما أنا منذر والله تعالى هو الذي يحفظ أعمالكم ويجازيكم عليها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
"فمن أبصر فلنفسه أبصر"، أي من عَلِم الحقّ فقد عَلِم علماً ينفع نفسه، ﴿ ومن عمي ﴾ أي ضلّ عن الحقّ فقد ضلّ ضَلالاً وزره على نفسه.
فاستعير الإبصار في قوله :﴿ أبصر ﴾ للعلم بالحقّ والعمللِ به لأنّ المهتدي بهذا الهدي الواردِ من الله بمنزلة الّذي نُوّر له الطّريق بالبدر أو غيره، فأبصره وسار فيه، وبهذا الاعتبار يجوز أن يكون ﴿ أبصر ﴾ تمثيلاً موجزاً ضمّن فيه تشبيه هيئة المرشَد إلى الحقّ إذا عمِل بها أرشِد به، بهيئة المبصر إذا انتفع ببصره.
واستعير العمى في قوله :﴿ عَمِيَ ﴾ للمكابرة والاستمرار على الضّلال بعد حصول ما شأنه أن يُقلعه لأنّ المكابر بعد ذلك كالأعمى لا ينتفع بإنارة طريق ولا بهَدْي هاد خِرّيتتٍ.
ويجوز اعتبار التمّثيليّة فيه أيضاً كاعتبارها في ضدّه السابق.


الصفحة التالية
Icon