واستعمل اللاّم في الأوّل استعارة للنّفع لدلالتها على المِلك وإنّما يُملك الشّيءُ النّافعُ المدّخر للنّوائب، واستعيرت ( على ) في الثّاني للضرّ والتّبعة لأنّ الشّيء الضّارّ ثقيل على صاحبه يكلّفه تَعباً وهو كالحِمل الموضوع على ظهره، وهذا معروف في الكلام البليغ، قال تعالى :﴿ من عمل صالحاً فلنفسه ﴾ [ فصلت : ٤٦ ]، وقال ﴿ من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها ﴾ [ الإسراء : ١٥ ]، وقال ﴿ وليَحْمِلُنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم ﴾، ولأجل ذلك سمّي الإثم وزراً كما تقدّم في قوله تعالى :﴿ وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ﴾ [ الأنعام : ٣١ ]، وقد جاء اللاّم في موضع ( على ) في بعض الآيات، كقوله تعالى :﴿ إنْ أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسَأتم فلَهَا ﴾ [ الإسراء : ٧ ].
وفي الآية محسّن جناس الاشتقاق بين "البصائر" و"أبصَر"، وملاحظة مناسبة في الإبصار والبصائر.
وفيها محسّن المطابقة بين قوله :﴿ أبصر ﴾ و﴿ عمي ﴾، وبين ( اللاّم ) و( عَلى ).
ويتعلّق قوله :﴿ لنفسه ﴾ بمحذوف دلّ عليه فعل الشّرط.
وتقديره : فمن أبصر فلنفسه أبصر.
واقترن الجواب بالفاء نظراً لصدره إذ كان اسماً مجروراً وهو غير صالح لأن يلي أداةَ الشّرط.
وإنّما نسج نظم الآية على هذا النّسْج للإيذان بأنّ ﴿ لنفسه ﴾ مقدّم في التّقدير على متعلّقه المحذوف.