ثم إنه تعالى أجاب عن هذه الشبهة بما سبق، وهذه الآية مشتملة على شبهة أخرى وهي قولهم له إن هذا القرآن كيفما كان أمره، فليس من جنس المعجزات ألبتة، ولو أنك يا محمد جئتنا بمعجزة قاهرة وبينة ظاهرة لآمنا بك، وحلفوا على ذلك وبالغوا في تأكيد ذلك الحلف، فالمقصود من هذه الآية تقرير هذه الشبهة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١١٧﴾
فصل
قال الفخر :
قال الواحدي : إنما سمى اليمين بالقسم لأن اليمين موضوعة لتوكيد الخبر الذي يخبر به الإنسان : إما مثبتاً للشيء، وإما نافياً.
ولما كان الخبر يدخله الصدق والكذب احتاج المخبر إلى طريق به يتوسل إلى ترجيح جانب الصدق على جانب الكذب، وذلك هو الحلف ولما كانت الحاجة إلى ذكر الحلف، إنما تحصل عند انقسام الناس عند سماع ذلك الخبر إلى مصدق به ومكذب به.
سموا الحلف بالقسم، وبنوا تلك الصيغة على أفعل فقالوا : أقسم فلان يقسم إقساماً : وأرادوا أنه أكد القسم الذي اختاره وأحال الصدق إلى القسم الذي اختاره بواسطة الحلف واليمين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١١٧﴾
فصل
قال الفخر :
ذكروا في سبب النزول وجوهاً :
الأول : قالوا لما نزل قوله تعالى :﴿إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ السماء ءايَةً فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين﴾ [ الشعراء : ٤ ] أقسم المشركون بالله لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها فنزلت هذه الآية.
الثاني : قال محمد بن كعب القرظي : إن المشركين قالوا للنبي ﷺ : تخبرنا أن موسى ضرب الحجر بالعصا فانفجر الماء، وأن عيسى أحيا الميت، وأن صالحاً أخرج الناقة من الجبل، فأتنا أيضاً أنت بآية لنصدقك فقال عليه الصلاة والسلام :"ما الذي تحبون" فقالوا : أن تجعل لنا الصفا ذهباً، وحلفوا لئن فعل ليتبعونه أجمعون، فقام عليه الصلاة والسلام يدعو، فجاءه جبريل عليه السلام فقال : إن شئت كان ذلك، ولئن كان فلم يصدقوا عنده، ليعذبنهم، وإن تركوا تاب على بعضهم.
فقال ﷺ :"بل يتوب على بعضهم" فأنزل الله تعالى هذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١١٧﴾