قال الكلبي ومقاتل : إذا حلف الرجل بالله فهو جهد يمينه ﴿ لئن جاءتهم آية ﴾ يعني كما جاءت من قبلهم من الأمم ﴿ ليؤمنن بها ﴾ يعني ليصدقن بها ﴿ قل ﴾ يعني قل يا محمد ﴿ إنما الآيات عند الله ﴾ يعني أن الله تعالى قادر على إنزالها. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ ﴾ أي حلفوا.
وجَهْدُ اليمين أشدّها، وهو بالله.
فقوله :"جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ" أي غاية أيمانهم التي بلغها علمهم، وانتهت إليها قدرتهم.
وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن الله هو الإله الأعظم، وأن هذه الآلهة إنما يعبدونها ظنًّا منهم أنها تقربهم إلى الله زلفى ؛ كما أخبر عنهم بقوله تعالى :"مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى".
وكانوا يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك، وكانوا يحلفون بالله تعالى وكانوا يُسمّونه جَهْد اليَمين إذا كانت اليمين بالله.
"جَهْدَ" منصوب على المصدر والعامل فيه "أقسموا" على مذهب سيبويه ؛ لأنه في معناه.
والجَهْد ( بفتح الجيم ) : المشقّة ؛ يقال : فعلت ذلك بجَهْد.
والجُهْد ( بضمها ) : الطاقة يقال : هذا جُهْدي، أي طاقتي.
ومنهم من يجعلهما واحداً، ويحتج بقوله :﴿ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ ﴾ [ التوبة : ٧٩ ].
وقرىء "جَهْدهم" بالفتح ؛ عن ابن قتيبة.
وسبب الآية فيما ذكر المفسرون : القُرَظِيّ والكَلْبِي وغيرهما، " أن قريشاً قالت : يا محمد، تُخبِرنا بأن موسى ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عَيْناً، وأن عيسى كان يُحيي الموتى، وأن ثمود كانت لهم ناقة ؛ فآئتنا ببعض هذه الآيات حتى نصدّقك.
فقال :"أيّ شيء تحبّون"؟ قالوا : اجعل لنا الصَّفَا ذهباً ؛ فَواللَّهِ إن فعلته لنتبعنّك أجمعون.