وقال الآلوسى :
﴿ وَأَقْسَمُواْ ﴾ أي المشركون ﴿ بالله جَهْدَ أيمانهم ﴾ أي جاهدين فيها.
فجهد مصدر في موضع الحال.
وجوز أن يكون منصوباً بنزع الخافض أي أقسموا بجهد أيمانهم أي أوكدها.
وهو بفتح الجيم وضمها في الأصل بمعنى الطاقة والمشقة، وقيل : بالفتح المشقة وبالضم الوسع، وقيل : ما يجهد الإنسان، والمعنى هنا على ما قال الراغب "أنهم حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم.
﴿ لَئِن جَاءتْهُمْ ءايَةٌ ﴾ من مقترحاتهم أو من جنس الآيات.
ورجحه بعض المحققين بأنه الأنسب بحالهم في المكابرة والعناد وترامي أمرهم في العتو والفساد حيث كانوا لا يعدون ما يشاهدونه من المعجزات الباهرة من جنس الآيات فاقترحوا غيرها ﴿ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾ وما كان مرمى غرضهم إلا التحكم على رسول الله ﷺ في طلب المعجزة وعدم الاعتداد بما شاهدوا منه عليه الصلاة والسلام من البينات.
والباء صلة الإيمان، والمراد من الإيمان بها التصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وجعلها للسببية على معنى ليؤمنن بك بسببها خلاف الظاهر.
﴿ قُلْ إِنَّمَا الآيات ﴾ أي كلها فيدخل ما اقترحوه فيها دخولاً أولياً ﴿ عَندَ الله ﴾ أي أمرها في حكمه وقضائه خاصة يتصرف فيها حسب مشيئته المبنية على الحكم البالغة لا تتعلق بها قدرة أحد ولا مشيئته استقلالاً ولا اشتراكاً بوجه من الوجوه حتى يمكنني أن أتصدى لإنزالها بالاستدعاء ؛ وهذا كما ترى سد لباب الاقتراح.
وقيل : إن المعنى إنما الآيات عند الله لا عندي فكيف أجيبكم إليها أو ءاتيكم بها أو المعنى هو القادر عليها لا أنا حتىءاتيكم بها.
واعترض ذلك شيخ الإسلام بعد أن اختار ما قدمناه بأنه لا مناسبة له بالمقام كيف لا وليس مقترحهم مجيئها بغير قدرة الله تعالى فتدبر.
روي أن قريشاً اقترحوا بعض ءايات فقال رسول الله ﷺ : فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني فقالوا : نعم وأقسموا لئن فعلته لنؤمنن جميعاً فسأل المسلمون رسول الله ﷺ أن ينزلها طمعاً في إيمانهم فَهَمَّ عليه الصلاة والسلام بالدعاء فنزلت.


الصفحة التالية
Icon