قال تعالى :﴿بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [ القيامة : ١٤ ] أي له من نفسه معرفة تامة، وأراد بقوله :﴿قَدْ جَاءكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ﴾ الآيات المتقدمة، وهي في أنفسها ليست بصائر إلا أنها لقوتها وجلالتها توجب البصائر لمن عرفها، ووقف على حقائقها، فلما كانت هذه الآيات أسباباً لحصول البصائر.
سميت هذه الآيات أنفسها بالبصائر، والمقصود من هذه الآية بيان ما يتعلق بالرسول وما لا يتعلق به.
أما القسم الأول : وهو الذي يتعلق بالرسول، فهو الدعوة إلى الدين الحق، وتبليغ الدلالة والبينات فيها، وهو أنه عليه السلام ما قصر في تبليغها وإيضاحها وإزالة الشبهات عنها، وهو المراد من قوله :﴿قَدْ جَاءكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ ﴾.
وأما القسم الثاني : وهو الذي لا يتعلق بالرسول، فإقدامهم على الإيمان وترك الكفر، فإن هذا لا يتعلق بالرسول، بل يتعلق باختيارهم، ونفعه وضره عائد إليهم، والمعنى من أبصر الحق وآمن فلنفسه أبصر، وإياها نفع، ومن عمي عنه فعلى نفسه عمي وإياها ضر بالعمى ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ احفظ أعمالكم وأجازيكم عليها.
إنما أنا منذر والله هو الحفيظ عليكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٠٩ ـ ١١٠﴾