وقالت فرقة إنما المراد بالتقليب التحويل عن الحق والهدى، والترك في الضلالة والكفر، ومعنى الآية أن هؤلاء الذين أقسموا أنهم يؤمنون إن جاءت آية نحن نقلب أفئدتهم وأبصارهم أن لو جاءت فلا يؤمنون بها كما لو يؤمنوا أول مرة بما دعوا إليه من عبادة الله، فأخبر الله تعالى على هذا التأويل بصورة فعله بهم، وقرأ أبو رجاء " يذرهم " بالياء ورويت عن عاصم، وقرأ إبراهيم النخعي " ويقلب ويذرهم " بالياء فيهما كناية عن الله تبارك وتعالى وقرأ أيضاً فيما روى عنه مغيرة " وتَقلَب " بفتح التاء واللام بمعنى وتنقلب أفئدتهم وأبصارهم بالرفع فيهما، " ويذرْهم " بالياء وجزم الراء، وقالت فرقة قوله ﴿ كما ﴾ في هذه الآية إنما هي بمعنى المجازاة أي لما لم يؤمنوا أول مرة نجازيهم بأن نقلب أفئدتهم عن الهدى ونطبع على قلوبهم فكأنه قال ونحن نقلب أفئدتهم وأبصارهم جزاء لما لم يؤمنوا أول مرة بما دعوا إليه من الشرع، والضمير في " به " يحتمل أن يعود على الله عز وجل أو على القرآن أو على النبي عليه السلام، و﴿ نذرهم ﴾ معناه نتركهم، وقرأ الأعمش والهمداني " ويذرهم " بالياء وجزم الراء على وجه التخفيف، والطغيان : التخبط في الشر والإفراط فيما يتناوله المرء، والعمى التردد والحيرة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾
هذه آية مُشْكِلة، ولا سِيّما وفيها ﴿ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾.
قيل : المعنى ونقلب أفئدتهم وأنظارهم يوم القيامة على لهب النار وحرِّ الجمر ؛ كما لم يؤمنوا في الدنيا.
"وَنَذَرُهُمْ" في الدنيا، أي نمهلهم ولا نعاقبهم ؛ فبعض الآية في الآخرة، وبعضها في الدنيا.
ونظيرها ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾ [ الغاشية : ٢ ] فهذا في الآخرة.
"عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ" في الدنيا.