ولذلك قال الزمخشري ﴿ ونقلب أفئدتهم ﴾ ﴿ ونذرهم ﴾ عطف على ﴿ لا يؤمنون ﴾ داخل في حكم ﴿ وما يشعركم ﴾ بمعنى وما يشعركم أنهم لا يؤمنون ﴿ وما يشعركم ﴾ أنّا ﴿ نقلب أفئدتهم وأبصارهم ﴾ أي فنطبع على أبصارهم وقلوبهم فلا يفقهون ولا يبصرون الحق كما كانوا عند نزول آياتنا أولاً لا يؤمنون بها، لكونهم ﴿ وما يشعركم ﴾ أنّا ﴿ نذرهم في طغيانهم ﴾ أي نخليهم وشأنهم لا نكفهم ونصرفهم عن الطغيان حتى يعمهوا فيه انتهى.
وهذا معنى ما قاله ابن عباس ومجاهد وابن زيد قالوا : لو أتيناهم بآية كما سألوا لقلبنا أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان بها، وحلنا بينهم وبين الهدى فلم يؤمنوا كما لم يؤمنوا بما رأوا قبلها، عقوبة لهم على ذلك.
والفرق بين هذا القول والذي بدأنا به أولاً أن ذلك استئناف إخبار بما يفعل بهم تعالى في الدنيا.
وهذا إخبار على تقدير مجيء الآية المقترحة فذلك واقع وهذا غير واقع، لأن الآية المقترحة لم تقع فلم يقع ما رتب عليها.
وقال مقاتل : نقلب أفئدة هؤلاء وأبصارهم عن الإيمان وعن الآيات كما لم يؤمن أوائلهم من الأمم الخالية بما رأوا من الآيات.
وقيل : تقليبها بإزعاج نفوسهم همّاً وغمّاً.
وقال الكرماني : مغناه أنّا نحيط علماً بذات الصدور وخائنة الأعين منهم انتهى.
ولا يستقيم هذا التفسير لقوله :﴿ كما لم يؤمنوا به أول مرة ﴾ لا على التعليل ولا على التشبيه إلا أن جعل متعلقاً بقوله ﴿ أنها إذا جاءت لا يؤمنون ﴾ أي ﴿ كما لم يؤمنوا به أول مرة ﴾ فيصح على بعد في تفسير التقليب بإحاطة العلم.
وقال الكعبي : المراد أنا لا نفعل بهم ما نفعل بالمؤمنين من الفوائد والألطاف من حيث أخرجوا أنفسهم عن الهداية بسبب الكفر انتهى.
وهو على طريقة الاعتزالي ومعنى تقليب القلب والبصر ما ينشأ عن القلب والبصر من الدواعي إلى الحيرة والضلال، لأن القلب والبصر يتقلبان بأنفسهما فنسبة التقليب إليهما مجاز.