(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرٍ عِلْمِ) ; أَيْ وَلَا تَسُبُّوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مَعْبُودَاتِهِمُ الَّتِي يَدْعُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ لِجَلْبِ النَّفْعِ لَهُمْ أَوْ دَفْعِ الضُّرِّ عَنْهُمْ بِوَسَاطَتِهَا وَشَفَاعَتِهَا عِنْدَ اللهِ لَهُمْ، فَيَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ سَبُّهُمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (عَدْوًا)، أَيْ تَجَاوُزًا مِنْهُمْ فِي السِّبَابِ وَالْمُشَاتَمَةِ الَّتِي يَغِيظُونَ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ إِلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ سَبًّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، لِأَنَّهُمْ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ بِاللهِ لَا يَتَعَمَّدُونَ سَبَّهُ ابْتِدَاءً عَنْ رَوِيَّةٍ وَعِلْمٍ، بَلْ يَسُبُّونَهُ بِوَصْفٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ كَسَبِّهِمْ لِمَنْ أَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْقِيرِ آلِهَتِهِمْ، أَوْ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّهَا لَا تَشْفَعُ وَلَا تَنْفَعُ، أَوْ يَقُولُونَ قَوْلًا يَسْتَلْزِمُ سَبَّهُ بِحَيْثُ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ قَائِلُهُ. وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ اجْتِنَابُ سَبِّهِ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ أَوْ يُقَابِلُونَ السَّابَّ لِمَعْبُودِهِمْ بِمِثْلِ سَبِّهِ يُرِيدُونَ مَحْضَ الْمُجَازَاةِ فَيَتَجَاوَزُونَهَا كَمَا يَقَعُ