وهو غير مجمع عليه أيضاً فإن أناساً أنكروا ورود ذلك، وجعلوا اللام في البيت للتعليل والجواب محذوف أي لتشربن لتغني عني.
واستشهد الأخفش بالبيت على إجابة القسم بلام كي.
وقال الرضي : لا يجوز عند البصريين في جواب القسم الاكتفاء بلام الجواب عن نون التوكيد إلا في الضرورة.
وعن الجبائي أن اللام هنا لام الأمر، والمراد منه التهديد أو التخلية واستعمال الأمر في ذلك كثير.
واعترض بأنها لو كانت لام الأمر لحذف حرف العلة.
وأجيب بأن حرف العلة قد يثبت في مثله كما خرج عليه قراءة ﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً نَرتع وَنَلْعَب ﴾ و﴿ إِنَّهُ مِنَ يَتَّقِى وَيِصْبِرْ ﴾ فليكن هذا كذلك.
ويؤيد أنها لام الأمر أنه قرىء بحذف حرف العلة.
وقرأ الحسن بتسكين اللام في هذا وفي الفعلين بعده.
فدعوى إن ضعف كونها للأمر أظهر من ضعف الوجهين الأولين غير ظاهرة.
واستدل أصحابنا بإسناد الصغو إلى الأفئدة على أن البنية ليست شرطاً للحياة فالحي عندهم هو الجزء الذي قامت به الحياة، والعالم هو الجزء الذي قام به العلم، وقالت المعتزلة : الحي والعالم هو الجملة لا ذلك الجزء، والإسناد هنا مجازي. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ ﴾
عُطف قوله :﴿ ولتصغى ﴾ على ﴿ غروراً ﴾ [ الأنعام : ١١٢ ] لأنّ ﴿ غروراً ﴾ في معنى ليغرّوهم.
واللام لام كي وما بعدها في تأويل مصدر، أي ولصغى، أي مَيل قلوبهم إلى وحيِهم فتقوم عليهم الحجّة.
ومعنى ﴿ تصغى ﴾ تميل، يقال : صَغَى يَصغى صَغْياً، ويَصْغُو صَغواً بالياء وبالواو ووردت الآية على اعتباره بالياء لأنّه رسم في المصحف بصورة الياء.
وحقيقته المَيل الحسي، يقال : صَغى، أي مال، وأصغى أمال.
وفي حديث الهِرّة : أنّه أصغى إليها الإناءَ، ومنه أطلق : أصغى بمعنى استمع، لأنّ أصله أمال سمعه أو أذُنه، ثمّ حذفوا المفعول لكثرة الاستعمال.
وهو هنا مجاز في الاتّباع وقبول القول.


الصفحة التالية
Icon