وقال ابن عاشور :
﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾
جملة ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا ﴾ معطوفة على جملة ﴿ وما يُشعركم ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] باعتبار كون جملة ﴿ وما يُشعركم عطفاً على جملة قل إنّما الآيات عند الله ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ]، فتكون ثلاثتها ردّا على مضمون جملة ﴿ وأقسموا بالله جَهْد أيمانهم لئن جاءتهم آية ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] إلخ، وبيانا لجملة ﴿ وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ].
روى عن ابن عبّاس : أنّ المستهزئين، الوليدَ بن المغيرة، والعاصي بن وائل، والأسودَ بن عَبْدِ يغوثَ، والأسودَ بنَ المطّلب، والحارثَ بن حنظلة، من أهل مكّة.
أتوا رسول الله ﷺ في رَهْط من أهل مكّة فقالوا :" أرِنا الملائكةَ يشهدون لك أوْ ابعث لنا بعض موتانا فنسألهم : أحقّ ما تقول " وقيل : إن المشركين قالوا :"لا نؤمن لك حتَّى يُحشر قُصَيٌ فيُخبِرَنا بصِدْقك أو ائتِنا بالله والملائكة قبيلاً أي كفيلاً " فنزل قوله تعالى :﴿ ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة ﴾ للردّ عليهم.
وحكى الله عنهم ﴿ وقالوا لن نؤمن لك إلى قوله أو تأتي بالله والملائكة قبيلا في سورة الإسراء :( ٩٠ ٩٢ ).
وذَكر ثلاثة أشياء من خوارق العادات مسايرة لمقترحاتهم، لأنَّهم اقترحوا ذلك.
وقوله :{ وحَشَرنا عليهم كلّ شيء ﴾
يشير إلى مجموع ما سألوه وغيرِه.
والحَشر : الجمع، ومنه :﴿ وحُشر لسليمان جنوده ﴾ [ النمل : ١٧ ].
وضمّن معنى البعث والإرسَاللِ فعُدّي بعلَى كما قال تعالى :﴿ بعثنا عليكم عباداً لنا ﴾ [ الإسراء : ٥ ].
و﴿ كل شيء ﴾ يعمّ الموجودات كلّها.
لكن المقام يخصّصه بكلّ شيء ممّا سألوه، أو من جنس خوارق العادات والآيات، فهذا من العام المراد به الخصوص مثل قوله تعالى، في ريح عاد ﴿ تدمر كل شيء بأمر ربها ﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ] والقرينة هي ما ذكر قبله من قوله :﴿ ولو أنَّنا نزّلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى ﴾.


الصفحة التالية
Icon