ومعنى تمامها أنّ كلّ غرض جاء في القرآن فقد جاء وافياً بما يتطلّبه القاصد منه.
واستبعد ابن عطيّة أن يكون المراد من ﴿ كلمات ربك ﴾ بالجمع أو الإفراد القرآن، واستظهر أنّ المراد منها : قول الله، أي نفذ قوله وحكمه.
وقريب منه ما أُثر عن ابن عبّاس أنّه قال : كلمات الله وَعده.
وقيل : كلمات الله : أمره ونهيه، ووعده، ووعيده، وفسّر به في "الكشاف"، وهو قريب من كلام ابن عطيّة، لكنّ السّياق يشهد بأنّ تفسير الكلمات بالقرآن أظهر.
وانتصب ﴿ صدقاً وعدلاً ﴾ على الحال، عند أبي عليّ الفارسي، بتأويل المصدر باسم الفاعل، أي صادقة وعادلة، فهو حال من ﴿ كلمات ﴾ وهو المناسب لكون التّمام بمعنى التّحقّق، وجعلهما الطّبري منصوبين على التّمييز، أي تمييز النّسبة، أي تمّت من جهة الصّدق والعدل، فكأنّه قال : تَمّ صدقُها وعدلها، وهو المناسب لكون التمام بمعنى بلوغ الشّيء أحسنَ ما يطلب من نوعه.
وقال ابن عطيّة : هذا غير صواب.
وقلت : لا وجه لعدم تصويبه.
والصّدق : المطابقة للواقع في الإخبار : وتحقيق الخبر في الوعد والوعيد، والنّفوذ في الأمر والنّهي، فيشمل الصّدقُ كلّ ما في كلمات الله من نوع الإخبار عن شؤون الله وشؤون الخلائق.
ويطلق الصّدق مجازاً على كون الشّيء كاملاً في خصائص نوعه.
والعدل : إعطاء من يستحقّ ما يستحقّ، ودفع الاعتداء والظلممِ على المظلوم، وتدبير أمور النّاس بما فيه صلاحهم.
وتقدم بيانه عند قوله تعالى :﴿ وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل ﴾ في سورة النّساء ( ٥٨ ).
فيشمل العدل كلّ ما في كلمات الله : من تدبير شؤون الخلائق في الدّنيا والآخرة.


الصفحة التالية
Icon