﴿ إِلاَّ أَن يَشَاء الله ﴾ استثناء من أعم الأحوال فإن لوحظ أن جميع أحوالهم شاملة لحال تعلق المشيئة لهم فهو متصل وإن لم يلاحظ لأن حال المشيئة ليس من أحوالهم كان منقطعاً أي لكن إن شاء الله تعالى آمنوا واستبعده أبو حيان، وقيل : هو استثناء من أعم الأزمان وهو خلاف الظاهر، والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة أي ما كانوا ليؤمنوا بعد اجتماع ما ذكر من الأمور الموجبة للإيمان في حال من الأحوال إلا في حال مشيئته تعالى إيمانهم، والمراد بيان استحالة وقوع إيمانهم بناء على استحالة وقوع المشيئة كما يدل عليه السباق واللحاق.
﴿ ولكن أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾ استدراك من مضمون الشرطية بعد ورود الاستثناء، وضمير الجمع للمسلمين أو للمقسمين، والمعنى أن حالهم كما شرح ولكن أكثر المسلمين يجهلون عدم إيمانهم عند مجيء الآيات لجهلهم عدم مشيئته تعالى لإيمانهم فيتمنون مجيئها طمعاً فيما لا يكون أو ولكن المشركين يجهلون عدم إيمانهم عند مجيء الآيات لجهلهم عدم مشيئته تعالى لإيمانهم حينئذ فيقسمون بالله تعالى جهد أيمانهم على ما لا يكاد يوجد أصلاً.
فالجملة على الأول : كما قال بعض المحققين مقررة لمضمون قوله تعالى ﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] الخ على القراءة المشهورة، وعلى الثاني : بيان لمنشأ خطأ المقسمين ومناط أقسامهم على تلك القراءة أيضاً وتقرير له على قراءة ﴿ لاَ تُؤْمِنُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] بالفوقانية، وكذا على قراءة ﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾.
واستدل أهل السنة بالآية على أن الله تعالى يشاء من الكافر كفره وقرر ذلك بأنه سبحانه لما ذكر أنهم لا يؤمنون إلا أن يشاء الله تعالى إيمانهم دل على أنه جل شأنه ما شاء إيمانهم بل كفرهم.


الصفحة التالية
Icon