والاستدراك بقوله :﴿ ولكن أكثرهم يجهلون ﴾ راجع إلى قوله :﴿ إلا أن يشاء الله ﴾ المقتضي أنّهم يؤمنون إذا شاء الله إيمانهم : ذلك أنَّهم ما سألوا الآيات إلاّ لتوجيه بقائهم على دينهم، فإنَّهم كانوا مصمّمين على نبذ دعوة الإيمان، وإنَّما يتعلَّلون بالعلل بطلب الآيات استهزاء، فكان إيمانهم في نظرهم من قبيل المحال، فبيّن الله لهم أنَّه إذا شاء إيمانَهم آمنوا، فالجهل على هذا المعنى : هو ضدّ العلم.
وفي هذا زيادة تنبيه إلى ما أشار إليه قوله :﴿ إلا أن يشاء الله ﴾ من أنّ ذلك سيكون، وقد حصل إيمان كثير منهم بعد هذه الآية.
وإسناد الجهل إلى أكثرهم يدلّ على أنّ منهم عقلاء يحسبون ذلك.
ويجوز أن يكون الاستدراك راجعاً إلى ما تضمّنه الشّرط وجوابُه : من انتفاء إيمانهم مع إظهار الآيات لهم، أي لا يؤمنون، ويزيدهم ذلك جهلاً على جهلهم، فيكون المراد بالجهل ضدّ الحلم، لأنَّهم مستهزئون، وإسناد الجهل إلى أكثرهم لإخراج قليل منهم وهم أهل الرأي والحلم فإنَّهم يرجى إيمانهم، لو ظهرت لهم الآيات، وبهذا التّفسير يظهر موقع الاستدراك.
فضمير ﴿ يجهلون ﴾ عائد إلى المشركين لا محالة كبقية الضّمائر التي قبله. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon