فائدة
قال فى روح البيان :
اعلم أن الآية وإن عظمت لا تضطر إلى الإيمان إن لم يشأ الله تعالى فإنه لا آية أعظم من قيام الساعة والله تعالى يقول :﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ (الأنعام : ٢٨) وجملة الأمر أن المشيئة تغير السجية وعدمها من فساد الاستعداد فلذا بقي أهل الضلال في يد القهر والجلال.
وجميع المعجزات من الأنبياء والكرمات من الأولياء علمية كانت أو كونية تربية لمن في زمانهم فمن حسن استعداده مال واهتدى ومن فسد أعرض وضلّ وترى كثيراً من المغرورين المشغولين بأحكام طبائعهم الخبيثة ونفوسهم المتمردة يقولون كالطلبة، لو أنا صادفنا المرشد الكامل ورأينا منه العلامة واضحة لكنا أول من يسلك بطريقتهم ويتمسك بأذيال حقيقتهم فقل لهم إن الشمس شمس، وإن لم يرها الضرير والعسل عسل، وإن لم يجد طعمه الممرور والطالب المستعد لا يقع في الأمنية، ولا يضيع نقد عمره بخسارة بل يجتهد كل حين بما أمكن له من الطاعات ويكون في طريق الطلب فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله.
ثم هذا الاستعداد وانشراح الصدر في طريق الحق نور من الله تعالى يقذفه في قلب أيّ عبد شاء وليس بحداثة السن ولا بالشيخوخة وكم رأيت وسمعت من غلبه الحال في عنفوان عمره وعنوان أمره.


الصفحة التالية
Icon