قوله تعالى :﴿ ولكن أكثرهم يجهلون ﴾ فيه قولان.
أحدهما : يجهلون أن الاشياء لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى.
والثاني : أنهم يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
ومن فوائد الخازن فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله عز وجل :﴿ ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة ﴾
قال ابن جريج : نزلت في المستهزئين، وذلك أنهم أتوا إلى رسول الله ﷺ في نفر من قريش، فقالوا : يا محمد ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم عنك أحق ما تقول أم باطل وأرنا الملائكة يشهدن لك أنك رسول الله ﷺ، أو ائتنا بالله والملائكة قبيلاً فنزلت هذه الآية جواباً لهم.
والمعنى : ولو أنا نزلنا إليهم الملائكة حتى يشهدوا لك بالرسالة ﴿ وكلمهم الموتى ﴾ يعني كما سألوا ﴿ وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً ﴾ يعني وجمعنا عليهم كل شيء قبلاً قبيلاً، قيل القبيل الكفيل بصحة ما تقول ما آمنوا وهو قوله :﴿ ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ﴾ يعني إلا أن يشاء الله الإيمان منهم وفيه دليل على أن جميع الأشياء بمشيئة الله تعالى حتى الإيمان والكفر، وموضع المعجزة أن الأشياء المحشورة منها ناطق ومنها صامت فإذا أنطق الله الكل حتى يشهدوا له بصحة ما يقول كان ذلك في غاية الإعجاز.
وقيل قبلاً من المقابلة والمواجهة، والمعنى : وحشرنا عليهم كل شيء مواجهة ومعاينة
﴿ ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ﴾ أخبر الله أن الإيمان بمشيئة الله لا كما ظنوا أنهم متى شاؤوا آمنوا ومتى شاؤوا لم يؤمنوا، وقال ابن عباس : ما كانوا ليؤمنوا هم أهل الشقاء إلا أن يشاء الله هم أهل السعادة الذين سبق لهم في علمه أنهم يدخلون في الإيمان.
وصحح الطبري قول ابن عباس قال : لأن الله عم بقوله ما كانوا ليؤمنوا القوم الذين تقدم ذكرهم في قوله :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ﴾ ثم استثنى منهم أهل السعادة وهم الذين شاء لهم الإيمان.