وقال الآلوسى :
﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ رجوع كما قيل إلى بيان الشؤون الجارية بينه عليه الصلاة والسلام وبين قومه المفهومة من حكاية ما جرى بين الأنبياء عليهم السلام وبين أممهم كما ينبىء عنه الالتفات، والتعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام المعربة عن كمال اللطف في التسلية، والضمير المنصوب في ﴿ فَعَلُوهُ ﴾ عائد إلى عداوتهم له ﷺ وإيحاء بعضهم إلى بعض مزخرفات الأقاويل الباطلة المتعلقة بأمر عليه الصلاة والسلام باعتبار انفهام ذلك مما تقدم وأمر الأفراد سهل، وقيل : إنه عائد إلى ما ذكر من معاداة الأنبياء عليهم السلام، وإيحاء الزخارف أعم من أن تكون في أمره ﷺ وأمور إخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وفيه أن قوله تعالى :﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ كالصريح في أن المراد بهم الكفرة المعاصرون له عليه الصلاة والسلام، وقيل : هو عائد إلى الإيحاء أو الزخرف أو الغرور، وفي أخذ ذلك عاماً أو خاصاً احتمالان لا يخفى الأولى منهما، ومفعول المشيئة محذوف أي عدم ما ذكر ولا إشكال في جعل العدم الخاص متعلق المشيئة، وقدره بعضهم إيمانهم.
واعترض بأن القاعدة المستمرة أن مفعول المشيئة عند وقوعها شرطاً يكون مضمون الجزاء كما في "علم المعاني" وهو هنا ﴿ مَّا فَعَلُوهُ ﴾ وتعقب بأنه ههنا ذكر المشيئة فيما تقدم متعلقاً بشيء وهو الإيمان كما أشير إليه ثم ذكر في حيز الشرط بدون متعلق فالظاهر أنه يجوز أن يقدر متعلقه مضمون الجزاء وأن يقدر ما علق به فعل المشيئة سابقاً، ولا بأس بمراعاة كل من الأمرين بحسب ما يقتضيه الحال.