قال الشافعي رحمه الله تعالى : فأول الآية وإن كان عاماً بحسب الصيغة، إلا أن آخرها لما حصلت فيه هذه القيود الثلاثة علمنا أن المراد من ذلك العموم هو هذا الخصوص، ومما يؤكد هذا المعنى هو أنه تعالى قال :﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ فقد صار هذا النهي مخصوصاً بما إذا كان هذا الأمر فسقاً، ثم طلبنا في كتاب الله تعالى أنه متى يصير فسقاً ؟ فرأينا هذا الفسق مفسراً في آية أخرى، وهو قوله :﴿قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لغير الله به﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ] فصار الفسق في هذه الآية مفسراً بما أهل به لغير الله، وإذا كان كذلك كان قوله :﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ مخصوصاً بما أهل به لغير الله.
والمقام الثاني : أن نترك التمسك بهذه المخصصات، لكن نقول لم قلتم إنه لم يوجد ذكر الله ههنا ؟ والدليل عليه ما روي عن النبي ﷺ أنه قال :" ذكر الله مع المسلم سواء قال أو لم يقل "، ويحمل هذا الذكر على ذكر القلب.