وقال الآلوسى :
﴿ وَإِنَّ الشياطين ﴾ أي إبليس وجنوده ﴿ لَيُوحُونَ ﴾ أي يوسوسون ﴿ إلى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾ الذين اتبعوهم من المشركين قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقيل : المراد بالشياطين مردة المجوس فإيحاؤهم إلى أوليائهم ما أنهوا إلى قريش حسبما حكيناه عن عكرمة ﴿ ليجادلوكم ﴾ أي بالوساوس الشيطانية أو بما نقل من أباطيل المجوس ﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ ﴾ في استحلال الحرام ﴿ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ ضرورة أن من ترك طاعة الله تعالى إلى طاعة غيره واستحل الحرام واتبعه في دينه فقد أشركه به تعالى بل آثره عليه سبحانه.
ونقل الإمام عن الكعبي أنه قال :"الآية حجة على أن الإيمان اسم لجميع الطاعات وإن كان معناه في اللغة التصديق كما جعل تعالى الشرك اسماً لكل ما كان مخالفاً لله عز وجل وإن كان في اللة مختصاً بمن يعتقد أن لله تعالى شأنه شريكاً بدليل أنه سبحانه سم طاعة المؤمنين للمشركين في إباحة الميتة شركاً، ثم قال : ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يكون المراد من الشرك ههنا اعتقاد أن لله تعالى شريكاً في الحكم والتكليف؟ وبهذا التقدير يرجع معنى هذا الشرك إلى الاعتقاد فقط" انتهى.
والظاهر أن التعبير عن هذه الإطاعة بالشرك من باب التغليظ ونظائره كثيرة والكلام هنا كما قال أبو حيان وغيره على تقدير القسم وحذف لام التوطئة أي ولئن أطعتموهم والله أنكم لمشركون وحذف جواب الشرط لسد جواب القسم مسده.
وجعل أبو البقاء وتبعه بعضهم المذكور جواب الشرط ولا قسم وادعى أن حذف الفاء منه حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضي كما هنا واعترض بأن هذا لم يوجد في كتب العربية بل اتفق الكل على وجوب الفاء في الجملة الإسمية ولم يجوزوا تركها إلا في ضرورة الشعر وفيه أن المجرد أجاز ذلك في الاختيار كما ذكره المرادي في "شرح التسهيل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon