ومن فوائد الإمام القرطبى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى : روى أبو داود قال : جاءت اليهود إلى النبيّ ﷺ فقالوا : نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله؟ فأنزل الله عز وجل ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ ﴾ إلى آخر الآية.
وروى النَّسائي عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ ﴾ قال : خاصمهم المشركون فقالوا : ما ذبح الله فلا تأكلوه وما ذبحتم أنتم أكلتموه ؛ فقال الله سبحانه لهم : لا تأكلوا ؛ فإنكم لم تذكروا اسم الله عليها.
وتنشأ هنا مسألة أصولية، وهي :
الثانية : وذلك أن اللفظ الوارد على سبب هل يُقصر عليه أم لا ؛ فقال علماؤنا : لا إشكال في صحة دعوى العموم فيما يذكره الشارع ابتداء من صِيَغ ألفاظ العموم.
أما ما ذكره جواباً لسؤال ففيه تفصيل، على ما هو معروف في أصول الفقه ؛ إلا أنه إن أتى بلفظ مستقل دون السؤال لَحِق بالأوّل في صحة القصد إلى التعميم.
فقوله :"لا تأكلوا" ظاهر في تناول الميتة، ويدخل فيه ما ذُكر عليه غير اسم الله بعمومِ أنه لم يذكر عليه اسم الله، وبزيادة ذكر غير اسم الله سبحانه عليه الذي يقتضي تحريمه نصًّا بقوله :﴿ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله ﴾ [ البقرة : ١٧٣ ].
وهل يدخل فيه ما ترك المسلم التسمية عمداً عليه من الذبح، وعند إرسال الصيد.
اختلف العلماء في ذلك على أقوال خمسة، وهي المسألة :
الثالثة :( القول ) الأوّل : إن تركها سهواً أكِلا جميعاً ؛ وهو قول إسحاق ورواية عن أحمد بن حنبل.
فإن تركها عمداً لم يؤكلا ؛ وقاله في الكتاب مالكٌ وابن القاسم، وهو قول أبي حنيفة وأصحابِه والثوريّ والحسن بن حيّ وعيسى وأَصْبَغَ، وقاله سعيد بن جُبير وعطاء، واختاره النحاس وقال : هذا أحسن ؛ لأنه لا يُسَمَّى فاسقاً إذا كان ناسياً.