الثاني : إن تركها عامداً أو ناسياً يأكلهما.
وهو قول الشافعي والحسن، وروي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وعطاء وسعيد بن المسيّب وجابر بن زيد وعِكرمة وأبي عِياض وأبي رافع وطاوس وإبراهيم النَّخَعِيّ وعبد الرحمن بن أبي لَيْلى وقتادة.
وحكى الزَّهْرَاوِيّ عن مالك بن أنس أنه قال : تؤكل الذبيحة التي تركت التسمية عليها عمداً أو نسياناً.
وروى عن ربيعة أيضاً.
قال عبد الوهاب : التسمية سنة ؛ فإذا تركها الذابح ناسياً أكلت الذبيحة في قول مالك وأصحابه.
الثالث : إن تركها عامداً أو ساهياً حَرُم أكلها ؛ قاله محمد بن سِيرين وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عمر ونافع وعبد الله بن زيد الخَطْمِيّ والشعبيّ ؛ وبه قال أبو ثور وداود بن عليّ وأحمد في رواية.
الرابع : إن تركها عامداً كُره أكلها ؛ قاله القاضي أبو الحسن والشيخ أبو بكر من علمائنا.
الخامس : قال أشهب : تؤكل ذبيحة تارك التسمية عمداً إلا أن يكون مستخِفًّا، وقال نحوه الطبري.
أدلة قال الله تعالى :﴿ فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ ﴾ وقال :﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ ﴾ فبيّن الحالين وأوضح الحكمين.
فقوله :"لا تأكلوا" نهيٌ على التحريم لا يجوز حمله على الكراهة ؛ لتناوله في بعض مقتضياته الحرام المحض، ولا يجوز أن يتبعّض، أي يراد به التحريم والكراهة معاً ؛ وهذا من نفيس الأصول.
وأما النَّاسي فلا خطاب توجّه إليه إذ يستحيل خطابه ؛ فالشرط ليس بواجب عليه.
وأما التارك للتسمية عمداً فلا يخلو من ثلاثة أحوال : إما أن يتركها إذا أضجع الذبيحة ويقول : قلبي مملوء من أسماء الله تعالى وتوحيده فلا أفتقر إلى ذكرٍ بلساني ؛ فذلك يجزئه لأنه ذكر الله جلّ جلاله وعظمه.
أو يقول : إن هذا ليس بموضع تسْمية صريحة، إذ ليست بقربة ؛ فهذا أيضاً يجزئه.
أو يقول : لا أسمي، وأيّ قدر للتسمية ؛ فهذا متهاون فاسق لا تؤكل ذبيحته.