(وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ) فَرَأَوْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ بِأَعْيُنِهِمْ وَسَمِعُوا شَهَادَتَهَا لَكَ بِالرِّسَالَةِ بِآذَانِهِمْ (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى) مِنْهُمْ بِإِحْيَائِنَا إِيَّاهُمْ آيَةً لَكَ وَحُجَّةً عَلَى صِدْقِ مَا جِئْتَ بِهِ عَنِ اللهِ - تَعَالَى - مِنْ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ عَدَمًا مَحْضًا لِلْإِنْسَانِ (وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا) أَيْ وَجَمَعْنَا كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْآيَاتِ وَالدَّلَائِلِ غَيْرَ الْمَلَائِكَةِ وَالْمَوْتَى فَسُقْنَاهُ وَأَرْسَلْنَاهُ عَلَيْهِمْ مُقَابِلًا لَهُمْ، أَوْ كَافِلًا لِصِحَّةِ دَعْوَاكَ، أَوْ قَبِيلًا قَبِيلًا (مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا) أَيْ مَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ وَلَا مُقْتَضَى اسْتِعْدَادِهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا، وَنَفْيُ الشَّيْءِ أَبْلَغُ مِنْ نَفْيِ الْفِعْلِ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآيَاتِ نَظَرَ اسْتِدْلَالٍ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا نَظَرَ مَنْ جَاءَهُ وَلِيٌّ يُرِيدُ نَصْرَهُ وَإِغَاثَتَهُ وَإِخْرَاجَهُ مِنْ ضِيقٍ نَزَلَ بِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ عَدُوٌّ يُهَاجِمُهُ لِيُوقِعَهُ بِهِ وَيَسْلُبَهُ مَا بِيَدِهِ فَيَنْبَرِي لِقِتَالِهِ، فَإِذَا قَالَ لَهُ إِنَّمَا أَنَا وَلِيٌّ نَصِيرٌ، لَا عَدُوٌّ مُغِيرٌ، ظَنَّ أَنَّهُ يَخْدَعُهُ بِقَوْلِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَى قَتْلِهِ قَتَلَهُ، لَا يَعْقِلُ غَيْرَ هَذَا.