فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْسَى أَلْبَتَّةَ، وَقَدْ يُفَسَّرُ بِهِ مَا اسْتَشْكَلُوهُ وَذَهَبُوا الْمَذَاهِبَ فِي تَأْوِيلِهِ مِنْ آيَتَيْ سُورَةِ هُودٍ :(خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) (١١ : ١٠٧) وَلَا حُجَّةَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا لِلْجَبْرِيَّةِ عَلَى جَبْرِهِمْ، وَلَا لِلْقَائِلِينَ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى لِلشَّرِّ وَلَا لِمُنْكِرِيهِ، فَكُلُّ مَا يَجْرِي فِي الْكَوْنِ مِنْ أَعْمَالِ الْبَشَرِ الِاخْتِيَارِيَّةِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا جَارٍ بِنِظَامٍ وَسُنَنٍ حِكْمِيَّةٍ وَكُلُّهَا بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى، وَمَا هُوَ شَرٌّ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِقُبْحِهِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ ضَرَرِهِمْ بِهِ وَعِقَابِهِمْ عَلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ مَا قَالَتْهُ تِلْكَ الْفِرَقُ كَمَا بَيَّنَاهُ مِرَارًا فِي هَذَا التَّفْسِيرِ وَفِي مَبَاحِثَ أُخْرَى مِنَ الْمَنَارِ.


الصفحة التالية
Icon