(وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ حَتَّى مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ بَلْهَ غَيْرَهُمْ يَجْهَلُونَ هَذِهِ السُّنَنَ الْحَكِيمَةَ الْعَالِيَةَ، وَإِذَا ذُكِرَتْ لَهُمْ يَشْتَبِهُونَ فِي تَطْبِيقِهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ، كَمَا اشْتَبَهَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبَبِ خُذْلَانِ دُوَلِهِمْ وَسُقُوطِ حُكُومَاتِهِمْ، ظَانِّينَ أَنَّ مُجَرَّدَ تَسْمِيَتِهَا مُسْلِمَةً كَافٍ لِنَصْرِ اللهِ إِيَّاهَا وَإِنْ خَالَفَتْ هِدَايَةَ دِينِهِ بِالظُّلْمِ وَالْفِسْقِ وَالْكُفْرِ فِي زُعَمَائِهَا وَإِقْرَارِهِمْ عَلَيْهِ مِنْ دَهْمَائِهَا، وَخَالَفَتْ سُنَنَهُ فِي تَنَازُعِ الْبَقَاءِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى كَمَالِ الِاسْتِعْدَادِ كَمَا قَالَ :(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (٨ : ٦٠) وَقَالَ :(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (٨ : ٤٦) وَلَمْ يُقِيمُوا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي بَلْ
فَعَلُوا ضِدَّهَا، وَقَدْ سَبَقَ لَنَا تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ فِي التَّفْسِيرِ وَغَيْرِ التَّفْسِيرِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَنَارِ.