ولما كان التقدير : من عمل بهذه الأوامر اهتدى بما نال من العلم وهم قليل، عطف عليه قوله :﴿وإن كثيراً﴾ أي من الناس ﴿ليضلون﴾ أي يقع منهم الضلال فيوقعون غيرهم فيه بنكوبهم عما دعت إليه أوامر الله وهدى إليه بيانه، فيكونون بمعرض العطب ﴿بأهوائهم﴾ أي بسبب اتباعهم للهوى ؛ ولما كان الهوى - وهو ميل النفس - ربما كان موافقاً لما أدى إليه العم بصحيح الفكر وصريح العقل قال :﴿بغير علم﴾ أي دعا إلى ذلك ممن له العلم من شريعة ماضية ممن له الأمر.
ولما كانوا ينكرون هذا، أثبت لنفسه الشريفة ما هو مسلم عند كل أحد وقال دليلاً على صحة ما أخبر به :﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بإنزال هذا الكتاب شاهداً لك بإعجازه بالتصديق ﴿هو﴾ أي وحده ﴿أعلم﴾ وكان الموضع للإضمار فأظهر للتعميم والتنبيه على الوصف الذي أوجب لهم ذلك فقال :﴿بالمعتدين﴾ أي الذين يتجاوزون الحدود مجتهدين في ذلك. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٠٢ ـ ٧٠٣﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ نافع وحفص عن عاصم ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ بالفتح في الحرفين، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو بالضم في الحرفين، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ﴿فَصَّلَ﴾ بالفتح ﴿وَحَرَّمَ﴾ بالضم، فمن قرأ بالفتح في الحرفين فقد احتج بوجهين : الأول : أنه تمسك في فتح قوله :﴿فَصَّلَ﴾ بقوله :﴿قَدْ فَصَّلْنَا الأيات﴾ [ الأنعام : ٩٧، ٩٨، ١٢٦ ] وفي فتح قوله :﴿حَرَّمَ﴾ بقوله :﴿أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ﴾ [ الأنعام : ١٥١ ].


الصفحة التالية
Icon