﴿ إِلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ ﴾ أي دعتكم الضرورة إلى أكله بسبب شدة المجاعة، وظاهر تقرير الزمخشري كما قال العلامة الثاني يقتضي أن ( ما ) موصولة فلا يستقيم غير جعل الاستثناء منقطعاً أي لكن الذي اضطررتم إلى أكله مما هو حرام عليكم حلال لكم حال الضرورة، وجوز عليه الرحمة جعله استثناء من ضمير "حرم" و( ما ) مصدرية في معنى المدة أي فصل لكم الأشياء التي حرمت عليكم إلا وقت الاضطرار إليها، واعترض بأنه لا يصح حينئذ الاستثناء من الضمير بل هو استثناء مفرغ من الظرف العام المقدر كأنه قيل : حرمت عليكم كل وقت إلا وقت الخ، ومن الناس من أورد هنا شيئاً لا أظنه مما يضطر إليه حيث قال بعد كلام : والمهم في هذا المقام بيان فائدة ﴿ إِلاَّ مَا اضطررتم ﴾، وقد أعني عنه قوله سبحانه :﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ لأن تفصيل ما حرم يتضمن قوله تعالى :﴿ إِلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ ﴾ وكأن الفائدة فيه والله تعالى أعلم المبالغة في النهي عن الإمتناع عن الأكل بأن ما حرم يصير مما لا يؤكل بخلاف ما حل فإنه لا يصير مما لا يؤكل فكيف يجتنب عما يؤكل فتأمل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وقد فصل لكم ما حرم عليكم ﴾ جملة في موضع الحال مبيّنة لما قبلها، أي لا يصدّكم شيء من كلّ ما أحلّ الله لكم، لأنّ الله قد فصّل لكم ما حرّم عليكم فلا تعدوه إلى غيره.