ومعناه : كما زينا للكافرين ما كانوا يعملون كذلك جعلنا في كل قرية أكابر جمع الأكبر ولا يجوز أن يكون مضافاً لأنه لا يتم المعنى في بل الآية تقديم وتأخير تقديره : وكذلك جعلنا كل قرية أكابر " مجرميها " وإنما جعل المجرمين أكابر لأنهم أقدر على المكر والغدر وترويج الباطل بين الناس من غيرهم، وإنما حصل ذلك لأجل رياستهم وذلك سنة الله أنه جعل في كل قرية أتباع الرسل ضعفاءهم وجعل فسَّاقهم أكابرهم ﴿ ليمكروا فيها ﴾ قال أبو عبيدة : المكر، الخديعة والحيلة والغدر والفجور.
زاد بعضهم والغيبة والنميمة والأيمان الكاذبة وترويج الباطل.
قال ابن عباس : معناه ليقولوا فيها الكذب.
وقال مجاهد : جلس على كل طريق من طرق مكة أربعة نفر ليصرفوا الناس عن الإيمان بمحمد ﷺ ويقولوا هو كذاب ساحر كاهن فكان هذا مكرهم ﴿ وما يمكرون إلا بأنفسهم ﴾ يعني ما يحيق هذا المكر إلا بهم لأن وبال مكرهم يعود عليهم ﴿ وما يشعرون ﴾ يعني أن وبال ذلك المكر يعود عليهم ويضرهم. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا ﴾
المعنى : وكما زينا للكافرين ما كانوا يعملون كذلك جعلنا في كل قرية.
﴿ مُجَرِمِيهَا ﴾ مفعول أوّل لجعل ﴿ أَكَابِرَ ﴾ مفعول ثاني على التقديم والتأخير.
وجعل بمعنى صير.
والأكابر جمع الأكبر.
قال مجاهد : يريد العظماء.
وقيل : الرؤساء والعظماء.
وخصهم بالذكر لأنهم أقدر على الفساد.
والمكر الحيلة في مخالفة الاستقامة، وأصله الفتل ؛ فالماكر يَفْتِل عن الاستقامة أي يصرف عنها.
قال مجاهد : كانوا يجلسون على كل عَقَبَةٍ أربعةً ينفروّن الناس عن اتباع النبي ﷺ ؛ كما فعل من قبلهم من الأمم السالفة بأنبيائهم.
﴿ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ أي وبَالُ.
مكرهم راجعٌ إليهم.


الصفحة التالية
Icon