وهو من الله عز وجل الجزاء على مكر الماكرين بالعذاب الأليم.
﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ في الحال ؛ لفرط جهلهم أن وبال مكرهم عائد إليهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ﴾
أي كما جعلنا في مكة صناديدها ليمكروا فيها جعلنا في كل قرية، وتضمن ذلك فساد حال الكفرة المعاصرين للرسول إذ حالهم حال من تقدمهم من نظرائهم الكفار.
وقال عكرمة : نزلت في المستهزئين يعني أن التمثيل لهم وقيل : هو معطوف على ﴿ كذلك زين ﴾ فتكون الإشارة فيه إلى ما أشير إليه بقوله :﴿ كذلك زين ﴾ و﴿ جعلنا ﴾ بمعنى صيرنا ومفعولها الأول ﴿ أكابر مجرميها ﴾ ﴿ وفي كل قرية ﴾ المفعول الثاني و﴿ أكابر ﴾ على هذا مضاف إلى ﴿ مجرميها ﴾، وأجاز أبو البقاء أن يكون ﴿ مجرميها ﴾ بدلاً من ﴿ أكابر ﴾ وأجاز ابن عطية أن يكون ﴿ مجرميها ﴾ المفعول الأول و﴿ أكابر ﴾ المفعول الثاني والتقدير مجرميها أكابر، وما أجازه خطأ وذهول عن قاعدة نحوية وهو أن أفعل التفضيل إذا كان بمن ملفوظاً بها أو مقدرة أو مضافة إلى نكرة كان مفرداً مذكراً دائماً سواء كان لمذكر أو مؤنث، مفرد أو مثنى أو مجموع، فإذا أنث أو ثنى أو جمع طابق ما هو له في ذلك ولزمه أحد أمرين : إما الألف واللام أو الإضافة إلى معرفة، وإذا تقرر هذا فالقول بأن ﴿ مجرميها ﴾ بدل من ﴿ أكابر ﴾ أو أن ﴿ مجرميها ﴾ مفعول أول خطأ لالتزامه أن يبقى ﴿ أكابر ﴾ مجموعاً وليس فيه ألف ولام ولا هو مضاف إلى معرفة وذلك لا يجوز، وقد تنبه الكرماني لهذه القاعدة فقال : أضاف الأكابر إلى مجرميها لأن أفعل لا يجمع إلا مع الألف واللام أو مع الإضافة ؛ انتهى.