ويفهم من كلام البعض أن مطلق الوحي ومخاطبة جبريل عليه السلام في الجملة وإن لم يستدع تلك الرسالة إلا أنه قريب من منصبها فيصلح ما ذكر جواباً بدون حاجة إلى الصرف والحمل المذكورين، وفيه ما فيه.
وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل حين قال : زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يوحى إليه والله لا نرضى به ولا نتبعه أبداً حتى يأتينا وحي كما يأتيه.
وقال الضحاك : سأل كل واحد من القوم أن يخص بالرسالة والوحي كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله سبحانه :﴿ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امرىء مّنْهُمْ أَن يُؤْتِى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً ﴾[ المدثر : ٥٢ ] قال الشيخ :"ولا يخفى أن كل واحد من هذين القولين وإن كان مناسباً للرد المذكور لكنه يقتضي أن يراد بالإيمان المعلق بإيتاء مثل ما أوتي الرسل مجرد تصديقهم برسالته ﷺ في الجملة من غير شمول لكافة الناس، وأن يكون كلمة حتى في قول اللعين.
حتى يأتينا وحي كما يأتيه إلخ غاية لعدم الرضى لا لعدم الاتباع فإنه مقرر على تقديري إتيان الوحي وعدمه، فالمعنى لن نؤمن برسالته أصلاً حتى نوتى نحن من ( الوحي و) النبوة مثل ما أوتي رسل الله أو إيتاء مثل إيتاء رسل الله"، ولا يخفى أنه يجوز أن تكون حتى في كلام اللعين غاية للاتباع أيضاً على أن المراد به مجرد الموافقة وفعل مثل ما يفعله ﷺ من توحيد الله تعالى وترك عبادة الأصنام لا قفو الأثر بالإئتمار، على أن اللعين إنما طلب إتيان وحي كما يأتي النبي ﷺ وليس ذلك نصاً في طلب الاستقلال المنافي للاتباع.