ولعل مراده عليه اللعنة المشاركة في الشرف بحيث لا ينحط عنه عليه الصلاة والسلام بالكلية ؛ ويمكن أن يدعي أيضاً أن هؤلاء الكفرة لكون كل منهم أبا جهل بما يقتضيه منصب الرسالة لا يأبون كون الرسولين يجوز أن يبعث أحدهما إلى الآخر ويلزم أحدهما امتثال أمر الآخر واتباعه وإن كان مشاركاً له في أصل الرسالة فليفهم، وقيل : إن الوليد بن المغيرة قال لرسول الله ﷺ : لو كانت النبوة حقاً لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سناً وأكثر مالاً وولداً فنزلت هذه الآية.
وتعقبه الشيخ قدس سره "أنه لا تعلق له بكلامهم المردود إلا أن يراد بالإيمان المعلق بما ذكر مجرد الإيمان بكونه الآية النازلة وحياً صادقاً لا الإيمان بكونها نازلة إليه عليه الصلاة والسلام فيكون المعنى وإذا جاءتهم آية نازلة إلى الرسول قالوا : لن نؤمن بنزولها من عند الله حتى يكون نزولها إلينا لا إليه لأنا نحن المستحقون دونه فإن ملخص معنى قوله :( لو كانت النبوة حقاً ) الخ لو كان ما تدعيه من النبوة حقاً لكنت أنا النبي لا أنت وإذا لم يكن الأمر كذلك فليست بحق، ومآله تعليق الايمان بحقية النبوة بكون نفسه نبياً".
وأنت تعلم أن إطلاق النبوة وقولهم ﴿ رُسُلُ الله ﴾ ليس بينهما كمال الملاءمة بحسب الظاهر كما لا يخفى، فالحق سقوط هذا القول عن درجة الإعتبار وإن روي مثله عن ان جريج لما في تطبيقه على ما في الآية من مزيد العناية.
و﴿ مِثْلَ مَا أُوتِىَ ﴾ نصب على أنه نعت لمصدر محذوف و( ما ) مصدرية أي حتى نؤتاها إيتاء مثل إيتاء رسل الله، وإضافة الإيتاء إليهم لأنهم منكرون لإيتائه عليه الصلاة والسلام، و﴿ حَيْثُ ﴾ مفعول لفعل مقدر أي يعلم وقد خرجت عن الظرفية بناء على القول بتصرفها ولا عبرة بمن أنكره، والجملة بعدها كما نص عليه أبو علي في "كتاب الشعر" صفة لها، وإضافتها إلى ما بعدها حيث استعملت ظرفاً.


الصفحة التالية
Icon