وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ الله أعلم حيث يجعل رسالاته ﴾
وقرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم :"رسالتَه" بنصب التاء على التوحيد ؛ والمعنى : أنهم ليسوا لها بأهل، وذلك أن الوليد بن المغيرة قال : والله لو كانت النبوة حقاً لكنتُ أولى بها منك، لأني أكبرُ منك سناً، وأكثرُ منك مالاً، فنزل قوله تعالى :﴿ الله أعلم حيث يجعل رسالاته ﴾
وقال أهل المعاني : الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل مبعثهم مطاعين في قومهم، لأن الطعن كان يتوجه عليهم، فيقال : إنما كانوا رؤساء فاتُّبِعوا، فكان الله أعلم حيث جعل الرسالة ليتيم أبي طالب، دون أبي جهل، والوليد، وأكابر مكة.
قوله تعالى :﴿ سيصيب الذين أجرموا صَغَارٌ ﴾ قال أبو عبيدة : الصَّغَار : أشد الذل.
وقال الزجاج : المعنى : هم، وإن كانوا أكابر في الدنيا، فسيصبهم صغار عند الله، أي : صغار ثابت لهم عند الله.
وجائز أن يكون المعنى : سيصيبهم عند الله صغار.
وقال الفراء : معناه : صغار من عند الله، فحذفت "مِنْ".
وقال ابو رَوقْ : صغار في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ الله أعلم حيث يجعل رسالاته ﴾
يعني أنه تعالى يعلم من يستحق الرسالة فيشرفه بها ويعلم من لا يستحقها من ليس بأهل لها، وأنتم لستم لها بأهل وأن النبوة لا تحصل لمن يطلبها، خصوصاً لمن عنده حسد ومكر وغدر.
وقال أهل المعاني : الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل البعثة مطاعين في قومهم، لأن الطعن كان يتوجه عليهم فيقال إنما كانوا رؤساء مطاعين فاتبعهم قومهم لأجل ذلك فكان الله تعالى أعلم بمن يستحق الرسالة فجعلها ليتيم أبي طالب دون أبي جهل والوليد وغيرهما من أكابر قريش ورؤسائها.
وقوله تعالى :﴿ سيصيب الذين أجرموا صَغار ﴾ أي ذلة وهوان.
وقيل الصغار هو الذل الذي تصغر إلى المرء نفسه فيه ﴿ عند الله ﴾ يعني هذا من عند الله وقيل إن هذا الصغار ثابت لهم عند الله فعلى هذا القول إنما يحصل لهم الصغار في الآخرة وقيل معناه سيصيبهم صغار بحكم الله حكم به عليهم في الدنيا ﴿ وعذاب شديد ﴾ يعني في الآخرة ﴿ بما كانوا يمكرون ﴾ يعني إنما حصل لهم هذا الصغار والعذاب بسبب مكرهم وحسدهم وطلبهم ما لا يستحقون. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon