يَخْتَصَّ بِالْمُسْتَثْنَى أَوْ يَعُودَ إِلَيْهِمَا، وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِقَوْلِهِ :(إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) أَوْلَى مِنْ تَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ :(خَالِدِينَ فِيهَا) وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ فَقَالُوا : أَتَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى كُلِّ وَعِيدٍ فِي الْقُرْآنِ. وَلَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءَ وَحْدَهُ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَذْكُورٌ فِي الْأَنْعَامِ أَيْضًا. وَإِنَّمَا أَرَادُوا أَنَّهُ عَقِبَ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ :(إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) وَهَذَا التَّعْقِيبُ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي " الْأَنْعَامِ " :(خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) فَأَخْبَرَ أَنَّ عَذَابَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَرَفْعَهُ عَنْهُمْ فِي وَقْتٍ يَشَاؤُهُ صَادِرٌ عَنْ كَمَالِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، لَا عَنْ مَشِيئَةٍ مُجَرَّدَةٍ عَنِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ، إِذْ يَسْتَحِيلُ تَجَرُّدُ مَشِيئَتِهِ عَنْ ذَلِكَ.