فَأَذَابَتْهُ النَّارُ وَأَكَلَتْهُ ؟ ! وَسِرُّ الْأَمْرِ أَنَّ أَسْمَاءَ الرَّحْمَةِ وَالْإِحْسَانِ أَغْلَبُ وَأَظْهَرُ وَأَكْثَرُ مِنْ أَسْمَاءِ الِانْتِقَامِ. وَفِعْلَ الرَّحْمَةِ أَكْثَرُ مِنْ فِعْلِ الِانْتِقَامِ. وَظُهُورَ آثَارِ الرَّحْمَةِ أَعْظَمُ مِنْ آثَارِ الِانْتِقَامِ وَالرَّحْمَةَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الِانْتِقَامِ. وَبِالرَّحْمَةِ خَلَقَ خَلْقَهُ وَلَهَا خَلَقَهُمْ، وَهِيَ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ وَغَلَبَتْهُ وَكَتَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَمَا خَلَقَ بِهَا فَمَطْلُوبٌ لِذَاتِهِ وَمَا خَلَقَ بِالْغَضَبِ فَمُرَادٌ لِغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ، وَالْعُقُوبَةُ تَأْدِيبٌ وَتَطْهِيرٌ،
وَالرَّحْمَةُ إِحْسَانٌ وَكَرَمٌ وَجُودٌ، وَالْعُقُوبَةُ مُدَاوَاةٌ. وَالرَّحْمَةُ عَطَاءٌ وَبَذْلٌ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ - أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا بُدَّ أَنْ يُظْهِرَ لِخَلْقِهِ جَمِيعِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صِدْقَهُ وَصِدْقَ رُسُلِهِ، وَأَنَّ أَعْدَاءَهُ كَانُوا هُمُ الْكَاذِبِينَ الْمُفْتَرِينَ. وَيُظْهِرَ لَهُمْ حُكْمَهُ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ حُكْمٍ فِي أَعْدَائِهِ، وَأَنَّهُ حَكَمَ فِيهِمْ حُكْمًا يَحْمَدُونَهُ هُمْ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ، بِحَيْثُ يَنْطِقُ الْكَوْنُ كُلُّهُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.


الصفحة التالية
Icon